main-nav-top (Do Not Edit Here!)

اضف اداة

اضف اداة

الثلاثاء، 4 فبراير 2014
6:05 ص

اسباب الطعن بالقرار الاداري (دعوى الغاء القرار الاداري)

 فارس حامد عبد الكريم
ماجستير قانون / بغداد
يتبع.....
والقرار الاداري يخضع لمبدأ المشروعية ، بمعنى وجوب ان تتم جميع تصرفات السلطات العامة في اطار القواعد الدستورية والقانونية والاكان التصرف معيبا وباطلا يستوي في ذلك ان يكون التصرف ايجابيا كالقيام بعمل اوسلبيا كالامتناع عن عمل يوجبه القانون ، وعدم مشروعية القرار قد ترتب المسؤولية الجنائية في حالات معينة.
والاصل ان تتمتع القرارات الادارية بقرينة المشروعية ، بمعنى انه يفترض فيها انها قد صدرت صحيحة ومشروعة ، الا انها قرينة بسيطة تقبل اثبات العكس ، اذ بأمكان صاحب المصلحة في الطعن بالقرار الاداري ان يقيم الدليل على ان القرار الاداري مشوب بعيب من عيوب عدم المشروعية.
وتنقسم القرارات الادارية من حيث مداها وعموميتها الى نوعين من القرارات, قرارات فردية وقرارات تنظيمية ، والقرار الفردي هو القرار الذي يتعلق بفرد او مجموعة من الافراد محددين بذواتهم ومثاله تعيين موظف او نقله او القرار بقبول الطلبة في الجامعات. اما القرارات التنظيمية وتسمى في العراق بالانظمة والتعليمات وفي مصر باللوائح فهي تلك القرارت الصادرة من السلطة التنفيذية والتي تتضمن قواعد عامة مجردة ملزمة تخاطب الافراد بصفاتهم لابذواتهم وغير محددين سلفا وهي بهذه الحال تشبه القوانين من حيث الخصائص وتصدرحسب الاصل بناءا على قانون صادر من السلطة التشريعية لتسهيل تنفيذه ومن امثلتها انظمة الوزارات والجامعات وتعليمات رخص القيادة وحيازة الاسلحة وغيرها. وكلا نوعي القرارات الادارية يمكن ان تصدر معيبة فتكون محلا للطعن امام القضاء.
ويقصد بعيوب القرار الاداري ، أو حالات إلغائه ، حالات عدم المشروعية التي تصيب القرار الإداري والتي يمكن أن تؤدي الى الغائه عن طريق دعوى الإلغاء.
ولما كانت عناصر القرار الاداري هي الاختصاص والشكل والسبب والمحل والغرض او الغاية ،فإن اشكال عدم المشروعية التي تعيب القرار الاداري هي :-
1ـ عدم المشروعية التي تتعلق بالجهة التي تصدر القرار ( عدم الاختصاص).
2ـ عدم المشروعية التي تتعلق بالاشكال والاجراءات (عيب الشكل ).
3ـ عدم المشروعية التي تتعلق باسباب القرار.
4ـ عدم المشروعية التي تتعلق بمحل القرار. ( عيب مخالفة القانون).
5ـ عدم المشروعية التي تتعلق بالغرض(عيب الانحراف بالسلطة).
وكلما افتقد القرار الشروط القانونية اللازمة لاصداره بالنسبة لكل عنصر من عناصره فأن ذلك يعد سبباً كافياً لطلب الالغاء امام القضاء.وينص قانون مجلس الدولة المصري رقم (47) لسنة 1972 ، على انه)... ويشترط في طلبات الغاء القرار الاداري النهائية ان يكون مرجع الطعن عدم الاختصاص او عيباً في الشكل او مخالفة القوانين او الانظمة والتعليمات او خطأ في تطبيقها او الاساءة في استعمال السلطة( ويذهب جانب من الفقه المصري الى ان هذا النص يحدد اوجه الالغاء بالاوجه التالية:-
 1- عيب الاختصاص. 2- عيب الشكل. 3- مخالفة القانون. 4- اساءة استعمال السلطة.
وفي العراق تنص ( م- 7 /2/هـ ) قانون مجلس شورى الدولة المعدل رقم 65 لسنة 1979 على ما يأتي :- " يعتبر من اسباب الطعن بوجه خاص ما يأتي " :-
اولا : ان يتضمن الامر او القرار خرقاً او مخالفة للقانون او الانظمة او التعليمات.
ثانيا : ان يكون الامر او القرار قد صدر خلافاً لقواعد الاختصاص او معيباً في شكله.
ثالثا : ان يتضمن القرار خطأ في تطبيق القوانين او الانظمة او التعليمات او في تفسيرها او فيه اساءة او تعسف في استعمال السلطة".
 وفي تطور قانوني مهم نص المشرع الدستوري في دستور العراق لسنة 2005 في المادة (100) منه على انه
 (يحظر النص في القوانين على تحصين اي عمل أو قرار اداري من الطعن.) ، وهذا يعني الغاء جميع الاستثناءات الواردة على ولاية القضاء الاداري سواء وردت في قانون مجلس شورى الدولة او التي كانت تزخر بها القوانين العراقية والتي قيدت نطاق الطعن الى ابعد الحدود حتى اصبح الاصل هو عدم جواز الطعن والاستثناء جوازه ، مما يعني ان الطعن بالقرار الاداري اصبح امر متاحا وممكنا ايا كانت جهة اصدراه ومهما علت مرتبة مصدره في الدولة.
خصائص دعوى الالغاء:- دعوى الالغاء دعوى قضائية بكل معنى الكلمة وهي من حيث نشأتها وتطورها من خلق القضاء ، كما ان لهذه الدعوى صفة عامة ، اي انها دعوى القانون العام يمكن ان توجه ضد اي قرار اداري دون حاجة الى نص خاص ، واذا نص القانون على ان قراراً ادارياً لا تسمح الدعوى بشأنه فأن ذلك لا يشمل دعوى الالغاء ما لم تستبعد بشكل صريح.
واساس قيام دعوى الالغاء هو فكرة عدم المشروعية والتي تظهر عند مخالفة الادارة لقاعدة قانونية وتوجه نحو القرار الاداري المخالف للقانون بقصد الغائه.
وتعد دعوى الالغاء من النظام العام ، اي انها قائمة دون حاجة لنص يقررها اذ يمكن رفعها ضد اي قرار اداري معيب ، وللقاضي ان يثيرها من تلقاء نفسه ولو رفعت الدعوى بشأن عيب اخر ، كما انه لا يقبل من احد ان يتنازل مقدماً عن حقه في استخدام هذه الدعاوي وكل تنازل من هذا القبيل يعتبر باطلاً.
كما انها دعوى موضوعية ( عينية ) ،اي انها دعوى القضاء الموضوعي ، بمعنى ان هذه الدعوى لا يراد بها اساسا الاعتراف بحق شخصي وحمايته ، وانما تهدف الى حماية قواعد قانونية وتعمل على ازالة مخالفتها حتى لو حققت لاصحاب الشأن حماية مراكزهم القانونية ومصالحهم الذاتية ، فالهدف الرئيس لدعوى الالغاء هو حماية النظام القانوني ومبدأ المشروعية.
 وتعرف دعوى الالغاء بأنها : هي تلك الدعوى التي يستطيع كل فرد صاحب مصلحة ان يلتجأ اليها ليطلب من القضاء الاداري الغاء قرار اداري تنفيذي استناداً الى عدم مشروعيته.
1ـ الالغاء الاداري : ينبغي التمييز في هذا المجال بين القرارات التنظيمية (الانظمة ،التعليمات ، اللوائح ) والقرارات الفردية ، فللادارة الحق في تعديل او الغاء قراراتها الادارية التنظيمة في اي وقت تراه مناسبا لذلك لأن هذه القرارات انما تنشأ مراكز تنظيمية عامة وتتضمن قواعد عامة مجردة كما هو حال التشريعات.
اما القرارات الفردية ، كقاعدة عامة فلايجوز الغاؤها وقد ترتب عليها اكساب الشخص حقا شخصيا او مركزا خاصا ، الا خلال ستين يوما من تاريخ صدورها وهي المدة المحدد للطعن امام القضاء الاداري،اذ انها بعد مرور هذه الفترة تتحصن ضد الالغاء القضائي فمن باب اولى ان تتحصن ضد الالغاء الاداري ، اما اذا لم يولد القرار حقا خاصا كالقرارات الولائية او الوقتية كقرارات ندب الموظفين ومنح الرخص المؤقتة فان امر الغائها جائز في اي وقت لانها لاترتب حقوقا مكتسبة. واذا كان من المسلم به فقها وقضاءا انه لايجوز الرجوع في القرار الاداري الا ان ذلك لايعني خلود هذا القرار بل ان اثار القرار تنتهي من خلال القرار المضاد وفقا للشروط التي ينص عليها القانون ، فقرار تعيين موظف في وظيفة معينة لايتأثر بعد ذلك بتغير الشروط القانونية لشغل هذه الوظيفة حتى لو فقد الموظف بعد تعيينه بعض شروط الوظيفة التي شغلها ، الا ان الادارة تستطيع ان تنهي اثار قرار تعيين هذا الموظف من خلال القرار المضاد ، مثلا باحالته على التقاعد او فصله او عزله وفقا للقانون.
2ـ الالغاء القضائي : يقصد هنا بألغاء القرار انهاء اثار القرار القانونية بالنسبة للمستقبل وبأثر رجعي. والاثر الرجعي اثر من اثار الحكم بالبطلان وفي هذا يقول فقهاء القانون ( ينبغي ان لايضار التقاضي بسبب بطء التقاضي ) مما يقتضي اعادة الحال الى ماكانت عليه ، وهو محل بحثنا هذا.
عدم رجعية القرارات الادارية : الاصل ان القرارات الادارية ايا كان نوعها يجب ان تطبق بأثر مباشر ولاتتضمن اثرا رجعيا. وسبب عدم جواز الرجعية يعود لاعتبارات قانونية ومنطقية ، منها :
أ ـ نص الدستور والقوانين النافذة على انه ليس للقوانين اثر رجعي ويترتب على ذلك ان ليس للقرارات الادارية اثر رجعي لانها اداة تنفيذ تلك القوانين وهي ادنى منها درجة في سلم التدرج القانوني فلا يمكن ان يكون لها ماليس للقوانين.
فالقاعدة العامة ان القرارات الادارية بكل انواعها يجب ان تطبق بشكل مباشر ولاتتضمن اثرا رجعيا لأنه لايجوز المساس بالحقوق المكتسبة الابقانون يتضمن الاثر الرجعي ، اي في حالة نص القانون على الاثر الرجعي لنفاذه وفقا للضوابط الدستورية وجاءت القرارات الادارية تنفيذا لمقتضاه ،
ب ـ ان هذا ماتقتضيه العدالة الطبيعية ومبدأ استقرار المعاملات والصالح العام اذ ليس من العدل اهدار الحقوق ولايتفق والمصلحة العامة ان يفقد الناس الثقة والاطمئنان على استقرار حقوقهم مما يقتضي ان يكون التنظيم للمستقبل مع ترك الاثار التي تمت في الماضي على ما هي عليه. وهذا خلاف الالغاء القضائي الذي يكون بأثر رجعي نتيجة الحكم ببطلان القرارالاداري لمخالفته للقانون فيزال كل اثر له وفي هذا يقول فقهاء القانون ( ان التقاضي لايمكن ان يضار بسبب بطء التقاضي ) ، يتضح ان الاصل الام هو عدم جواز الاثر الرجعي للقرار الاداري الا انه يرد على هذا الاصل استثناءات محدودة منها جواز الاثر الرجعي بنص تشريعي او تنفيذا لحكم قضائي بالالغاء ويرى بعض الفقهاء جواز رجعية القرارات الادارية التنظيمية اذا تضمنت احكاما اصلح للافراد حتى لو لم تتعلق بعقوبة معينة.
نظمت دساتير الدولة القانونية الحديثة وتشريعاتها السلطات والاختصاصات داخل الدولة واوكلت ممارستها الى مؤسسات متنوعة ، وتتوزع هذه السلطات والاختصاصات بموجب القوانين والانظمة ايضا داخل هذه المؤسسات على مجموعة من الموظفين يعرفون بمتخذي القرارات او صانعي القرارات داخل المؤسسة وهم المخولين بالتعبير عن ارادة الهيئة الرسمية التي يعملون فيها ، ولايجوز لغيرهم التعبير عن هذه الارادة ، ويتأسس معيار توزيع سلطة الدولة على الاختصاصات المقررة للوظيفة العامة التي يشغلها العضو الاداري بحيث يكون لكل موظف ولاية اصدارها في حدود اختصاصه من حيث الموضوع والزمان والمكان ، وعليه فان الإختصاص في القرار الإداري ، هو الصلاحية القانونية لفرد او عضو او لهيئة في التنظيم الاداري لاحداث آثار قانونية معينة بإسم شخص اداري عام.
ويعتبر عنصر الاختصاص من اهم عناصر القرار الاداري ويترتب على عدم مراعاته بطلان القرار ومن ثم الغائه.
 وهذا يعني وجوب صدور القرار الاداري عن عضو اداري وان تكون له صلاحية التعبير عن ارادة الدولة او اي شخص اداري آخر. ولايتحقق الوجود القانوني للعضو الاداري الا بوجود سند قانوني بتعينه سواء كان هذا السند قراراً اداريا او عقداً ادارياً اذا كان هذا العضو فرداً ، وبالقرار الصادر بتشكيله اذا كان هيئة او لجنة او مجلس. وفي حالة عدم وجود هذا السند القانوني فأن الشخص الطبيعي لا يمكن ان يعبر عن ارادة الدولة والا اعتبر مغتصباً او منتحلاً ومن ثم تكون قراراته من الناحية القانونية لا اثر لها او منعدمة.
ومصادر قواعد الاختصاص تستمد من الدستور ومختلف القوانين و الانظمة والتعليمات فضلا عن ان القضاء قد استخلص قواعد الاختصاص على اساس من المباديء العامة للقانون غير المكتوبة من ذلك قاعدة توازي الاختصاصات وهي قاعدة غير مكتوبة اعترف بها القضاء ومقتضاها : انه اذا وجد نص يحدد لهيئة ادارية معينة اختصاص باصدار قرار معين ثم سكت عن بيان الجهة التي تملك تعديله او الغاءه فأن هذا الاختصاص يكون لنفس الهيئة التي تملك اصدار القرار. ومن ذلك ما ذهب اليه القضاء المصري من انه اذا نظم المشرع اختصاصاً بعينه ولم يعهد به الى ادارة معينة او بيان الموظف المنوط حق استعماله فيكون ذلك للموظف الذي يتفق هذا الاختصاص وواجبات وظيفته.
قواعد الاختصاص من النظام العام : قواعد الاختصاص ملزمة للادارة بشكل خاص وتبدو هذه الخاصية من اعتبارها من قبيل النظام العام ويترتب على ذلك مايلي :
1ـ يمكن اثارة الدفع بهذا العيب امام القضاء في اي مرحلة من مراحل نظر الدعوى ولايحتج على المدعي في هذا المقام بأنه قدم طلبات جديدة.
2ـ يجب على القاضي ان يثيره من تلقاء نفسه اذا مابدى له اثناء نظر الدعوى ولو لم يثره صاحب الشأن.
3ـ لا يمكن للادارة ان تتفق مع الافراد على تعديل قواعد الاختصاص ، لان قواعد الاختصاص لم تقرر لصالح الادارة بل للصالح العام.
4ـ عدم التوسع في تفسيرقواعد الاختصاص ولابد ان تفسر على نحو من التفسير الضيق ، لان التوسع في التفسير يؤدي الى خلق اختصاصات جديدة للادارة.
5ـ كما ان عدم المشروعية الناتجة عن اتخاذ القرار من هيئة غير مختصة لا يمكن ان تصحح بتصديق لاحق من الجهة المختصة ، فالبطلان لايزول نتيجة الاجازة او التصحيح اللاحق ، الا في حالة الظرورة والظروف الاستثنائية وبصدد ذلك قضت محكمة القضاء الاداري في مصر بأن القرار المطعون فيه ( قد صدر من غير الجهة المختصة بأصداره قانونا ،ولايغير من هذا الوضع احاطة مدير المصلحة به او اعتماده له لان القرار الباطل بسبب عدم الاختصاص لايصحح بالاعتماد فيما بعد من صاحب الشأن فيه ، بل يجب ان يصدر منه انشائيا بمقتضى سلطته المخولة له ).
ويعرف مجلس الدولة المصري عيب الاختصاص بقوله " ان عيب الاختصاص في دعوى الالغاء هو عدم القدرة على مباشرة عمل قانوني معين جعله المشرع من سلطة او هيئة او فرد اخر". ولعيب الاختصاص صورتين :
الصورة الاولى:-اغتصاب السلطة " العيوب الجسيمة".
وذلك عندما يكون العيب جسيماً وفي هذه الحالة لا يعتبر القرار مجرد قرار غير مشروع وأنما يعتبر قراراً منعدماً اي انه قرار باطل ، ويمكن لصاحب العلاقة بل عليه عدم اطاعته او الالتزام به بل له ان يقاوم تنفيذه، والادارة من جانبها وهي تحاول تنفيذه تنفيذا مباشرا انما ترتكب بذلك اعتداءاً مادياً ، كما ان هذا القرار لانعدامه ليس بحاجة حسب الاصل ان يكون موضوعاً لدعوى امام القضاء لأعلان انعدامه ، لانه مجرد واقعة مادية ولكن الاوضاع العملية و الواقعية قد تجعل من هذا القرار مع انعدامه عقبة مادية في سبيل ذوى العلاقة لاقتضاء حقوقهم او الوصول اليها لذلك جاز ان يكون محل تظلم او دعوى لإعلان انعدامه ومن دون الالتزام بموعد معين ، ومن ثم جاز للادارة سحب قرارها المنعدم بأي وقت وكذلك جاز للقضاء ان يقبل دعوى الالغاء دون ان يلتزم بشرط الميعاد.
 وعندما يكون القرار منعدماً جاز للقضاء العادي النظر بهذه القرارات ايضاً ولوكان في الدولة قضاء اداري لانه لايعدو عن كونه واقعة مادية.
ويطلق اصطلاح اغتصاب السلطة على عيب الاختصاص حينما يكون جسيماً غير ان الفقه لم يتفق على العيوب التي تعتبر من قبيل العيوب الجسيمة ،
وجاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 13/98ـ99 في 7/10/1998 ان ( قرار اعلان اول الخاسرين فائزا بعد اقالة احد الاعضاء يعتبر عديم الوجود لانه يشكل اغتصابا للسلطة التي تعود للشعب وحده) وجاء في حيثيات القرار ( ان القرار المطعون فيه صادر عن سلطة غير صالحة بصورة جلية وهو بالتالي عديم الوجود ويعتبر والحال هذه كأنه لم يكن ويمكن الطعن فيه خارج المهلة القانونية فتكون المراجعة مقبولة شكلا)
غير ان اغلب اراء فقهاء القانون الاداري واحكام القضاء المستقرة ذهبت الى ان حالات اغتصاب السلطة التي تؤدي للانعدام في حالات معينة هي ما يلي:-
اولا- صدور القرار من فرد عادي او بعبارة اخرى من مغتصب وذلك لان الوجود القانوني لاي موظف او مكلف بخدمة عامة يرجع الى صدور قرار بتعينه او بتكليفه وهذا القرار هو الذي يسبغ على شخص ما صفة العضو الاداري او الهيئة التابع للدولة او اي شخص اداري اخر وفي حالة عدم وجود هذا القرار او عدو وجود سند قانوني فان الشخص الطبيعي لا يمكن ان يعبر عن ارادة الدولة واذا فعل يعد مغتصباً ومن ثم تكون قراراته منعدمة ولا اثر لها الا اذا كان مما يصدق عليه وصف الموظف الفعلي ومن ثم يمكن تصحيح النتائج تلك.
والموظف الفعلي او الواقعي في الظروف العادية هو ذلك الشخص غير المختص الذي لم يقلد الوظيفة العامة اصلا اوكان قرار تقليده للوظيفة العامة معيباً من الناحية القانونية او كان موظفا وزالت عنه صفته الوظيفية لاي سبب كان ، والموظف الفعلي في الظروف الاستثنائية هو من يباشر الوظيفة العامة تحت الحاح ظروف استثنائية ودوافع سياسية او اجتماعية او بدافع المصلحة الوطنية وعدم توقف المرافق العامة الحيوية وخاصة في اوقات الحروب وغياب السلطات العامة او انحسارها ، والاصل اعتبار قراراته التي يتخذها منعدمة وباطلة قانونا لانها صادرة من غير مختص الا ان الفقه والقضاء ولاعتبارات تتعلق باستقرار المراكز القانونية وضرورة سير المرافق العامة بصفة منتظمة اعترف بصحة هذه القرارات ضمن شروط معينة وتتخلص هذه الشروط في قيام فكرة الظاهر بأن تكون عملية تقلد هذا الشخص للوظيفة متسمة بمظهر المعقولية معنى ذلك ان من يتولى وظيفة معينة على اساس من عمل منعدم وهو القرار المتسم بالمخالفة الجسيمة و الصارخة لا يمكن ان يكون موظفاً فعلياً ومن ثم تكون قراراته منعدمة.
 وقد طبق هذا المبدأ فعلاً في المانيا فيما يتعلق بالقرارات التي اتخذها مجلس الموفدين ومجالس العمال سنة 1918 في نهاية الحرب العالمية الاولى وقد قرر القضاء فيما بعد ان هذه المجالس كانت قد تصرفت بهدف حماية النظام العام والصالح العام وعلى ذلك فأن قراراتها تعتبر صحيحة ومنتجة لاثارها وتسأل الدولة عنها مدنياً.
وذهب القضاء الاداري الفرنسي الى تبني هذه المباديء نفسها حينما قضى بأن المجلس البلدي وقد تولى تطوعاً ادارة المرافق العامة فأن قراراته بهذا الشأن تكون صادرة من سلطة فعلية ومن ثم يصدق عليها وصف القرارات الادارية المنتجة لاثارها ونفس هذا الحكم يصدق بالنسبة للقرارات والتصرفات الصادرة من لجان التحري التي ظهرت عقب الانزال الذي قام به الحلفاء في فرنسا سنة 1944.
ثانيا - صدور القرار ممن تتوفر فيه صفة الموظف العام لكنه لا يملك سلطة اصدار قرارات ادارية اطلاقاً.
كان يصدر القرار من مستخدمين مناطة بهم امور كتابية او يدوية او صدور القرار من هيئات او مجالس استشارية ، من ذلك حكم مجلس الدولة الفرنسي بإعتبار القرار من مدير مكتب الوزير برفض تقرير راتب تقاعدي قراراً منعدماً لصدوره من لا يملك سلطة اصدار قرارات ادارية.
ثالثا- صدور القرار من جهة ادارية في نطاق الوظيفة الادارية بصورة عامة ولكنه يتضمن اعتداء على اختصاص جهة ادارية اخرى لا تمت بصلة للجهة مصدرة القرار.
كان يصدر قرار من وزير يختص به بشكل واضح وزير اخر دون غيره.
ولكن يلاحظ ان القضاء الاداري المصري قد توسع في تطبيقه لهذه الحالة حتى انتهى احياناً لادخال حالات عدم الاختصاص البسيط ضمن حالات اغتصاب السلطة من ذلك القرار الصادر نتيجة تفويض باطل حيث قضت محكمة القضاء الاداري المصري في حكمها الصادر في 5/1/1954 بأن ( المرسوم بقانون رقم 24لسنة 1931 اعطى اختصاصات معينة لمدير عام مصلحة السكةالحديد بالنسبة لطائفة من موظفيها ، ولايجوز قانونا التفويض في هذا الاختصاص بل يتعين ان يباشر الاختصاص من عينه القانون بالذات ، من ثم فيكون القرار المطعون فيه الصادر من سكرتير عام مصلحة السكك الحديد بفصل المدعي ينطوي على نوع من اغتصاب السلطة فهو قرار معدوم لا اثر له ) وهذه القرارات في الحقيقة معيبة بعيب اختصاص بسيط لان هؤلاء يملكون ايضاً سلطة اتخاذ قرار فهو معيب وليس منعدم.
رابعا- صدور القرارمن جهة ادارية متضمنأ اعتداء على اختصاص السلطة التشريعية او السلطة القضائية:
نصت المادة (61) من دستور العراق لسنة 2005 (يختص مجلس النواب بما يأتي : اولاً : تشريع القوانين الاتحادية.)وبموجب النص فان مجلس النواب هو الجهة المختصة بتشريع القوانين ، فان مارست السلطة التنفيذية تشريع القوانين فان تصرفها هذا يكون مشيبا بعيب عدم الاختصاص الجسيم.
كان تقوم الادارة بفرض ضريبة بنظام او تعليمات لم يكن قد قررها قانون ، باعتبار ان المبدأ العام في هذا المقام ان لاضريبة ولارسم الابقانون حسب ماجاء في المادة (28) من دستور العراق لسنة2005( اولاً: لاتفرض الضرائب والرسوم ولاتعدل ولاتجبى، ولايعفى منها، إلا بقانون. ) وكذلك انشاء شخص معنوي عام ، كوزارة او مؤسسة ، بنظام او تعليمات من دون ان يكون هناك نص قانوني يجيز ذلك. لان السلطة التنفيذية تكون قد حلت نفسها محل السلطة التشريعية في مثل هذه الاحوال المتقدمة.
او ان تتولى الادارة اصدار قرارات قضائية او احكام قضائية هي من اختصاص القضاء بموجب الدستور والقانون ولو تحت ستار قرارات ادارية ، ويحدث هذا الفرض غالبا في النزاعات الحاصلة بين الادارة ومنتسبيها ، حيث نصت المادة (88) من دستور العراق لسنة 2005 على انه ( القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولايجوز لاية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة.).
ويذهب مجلس الدولة الفرنسي الى اعتبار مثل هذه القرارات من قبيل القرارات المنعدمة من ذلك مثلاً حكمه بإنعدام قرار مدير الاقليم بابطال عملية انتخاب مجلس مدينة من المدن التابعة للاقليم لان المدير تدخل في موضوع من اختصاص القضاء الاداري لذلك يعتبر قراراًَ باطلاً ولا اثر له.
اما القضاء الاداري المصري فقد كان ولا يزال يقرر في احكامه باعتبار اعتداء الادارة في قراراتها على اختصاص السلطة التشريعية او القضائية من قبيل اغتصاب السلطة الذي يؤدي بهذه القرارات للانعدام فقد جاء في احد احكامه (ان العمل الاداري لا يفقد صفة الادارية ولا يكون معدوماً الا اذا كان مشوباً بمخالفة جسيمة ومن صورها ان يصدر القرار من فرد عادي او من سلطة في شأن اختصاص سلطة اخرى كأن تتولى السلطة التنفيذية عملاً من اعمال السلطة القضائية او السلطة التشريعية) ومن ذلك حكمها ايضاً ( ان تدخل الادارة في العلاقة بين المالك والمستأجر يجعل قرارها معدوماً).
ومن ذلك حكم مجلس الدولة المصري " ان القرار التأديبي الذي استندت عليه الوزارة في طعنها فيما قضي به من رد المبالغ التي استولى عليها المطعون ضده من اعانة غلاء المعيشة دون وجه حق لم يستحث عقوبة فحسب وانما تعداها الفصل في منازعة لا يملك الفصل فيها فأغتصب بذلك سلطة القضاء واصبح قراره بهذا الشأن منعدماً " لا اثر له" كذلك الحكم اذ نص القانون على تشكيل لجنة ما على وجه معين فأنه لا يصح تعديل هذا التشكيل الا من يملكه قانوناً وهو المشرع اما السلطة القائمة على تنفيذ القانون فلا تملك اصلاً تعديل التشكيل فأن فعلت كان من قبيل اغتصاب السلطة فيبطل بطلاناً اصلياً.
في مثل هذه الحالات المتقدمة يعتبر القرار الذي يصدر منعدما ، لانه يفقد مقومات القرار الاداري ولذا فأنه يعد عديم الاثر قانونا ولايتمتع بالحصانة المقررة للقرارات الادارية مما يعني جواز سحبه دون التقيد بالمدد القانونية للطعن كما يمكن رفع دعوى الالغاء دون التقيد بهذه المدة ايضا.
الصورة الثانية – عيب الاختصاص العادي " البسيط":-
اذا لم يكن العيب جسيما في موضوع الاختصاص كما تقدم يتحقق عيب الاختصاص البسيط الذي يؤدي الى بطلان القرار والحكم بالغائه شريطة ان يتم ذلك خلال المدد المحددة للطعن بالقرار الاداري ، وهذه الحالات تتمثل في عيب الاختصاص من حيث الموضوع ومن حيث الزمان ومن حيث المكان.
اولا - عيب الاختصاص الموضوعي:-
ويقصد به ان تصدر جهة ادارية قرارها في موضوع لاتملك قانونا اصدار القرار بشأنه لانه يدخل في اختصاص جهة ادارية اخرى. ويتحقق ذلك عندما يكون الاثر القانوني الذي يترتب على القرار مما لايختص مصدر القرار بترتيبه قانونا.
ويفترض في هذا المقام مشروعية محل القرار وان من الممكن احداثه قانونا ولكن بقرار يصدر من الجهة المختصة ، وعليه اذا كان محل القرار غير مشروع ولايجوز احداثه من اية سلطة ادارية كانت , فأن القرار لايكون مشوبا بعيب عدم الاختصاص الموضوعي وانما يكون مشوبا بعيب المحل.
ذلك ان قواعد الاختصاص تحدد مقدماً الموضوعات التي تدخل في مجال نشاط جهة ادارية معينة ومن ثم عليها ان تلتزم فيما تصدر من قرارات حدود هذه الموضوعات دون ان تعتدي على ما اختص به القانون جهة ادارية اخرى فان فعلت فان قرارها يكون معيباً بعدم الاختصاص من الناحية الموضوعية وهذا هو عيب عدم الاختصاص الايجابي وهناك عدم الاختصاص السلبي وصورته ان تمتنع سلطة ادارية عن مزاولة اختصاصاتها لاعتقادها خطأً انها لا تملك هذا الاختصاص، ويتحقق عيب الاختصاص الموضوعي في عدة اشكال وهي كما يلي:-
أ – اعتداء جهة ادارية على اختصاص جهة ادارية موازية.
 كان يعتدي وزير على اختصاص وزير اخر وقد بينا ان هذه الحالة قد تؤدي الى عيب اغتصاب السلطة التي تؤدي للقرار بالانعدام ولكن عيب الاختصاص البسيط هو الذي يتحقق عندما يكون هناك غموض وتداخل في الاختصاصات.
كأن يصدر وزير قرار بترقية موظف اصبح تابعاً لوزارة اخرى بسبب الغموض الذي رافق نقل الموظف.
ب- اعتداء جهة ادارية دنيا على اختصاص جهة اعلى منها : اي ان تباشر جهة ادارية الاختصاصات التي اوكلها المشرع لجهةادارية اعلى منها في سلم التدرج الوظيفي.
كان يصدر وكيل الوزارة قرار من اختصاص الوزير اوان يصدر الوزير قراراً لا يمكن اتخاذه الا من قبل مجلس الوزراء. وكذلك القرارات الصادرة من سلطة ادارية عليا لا يمكن ولا يجوز لسلطة ادنى منها ان تغيرها او تعدلها الا بتفويض من سلطة عليا. حيث نصت الفقرة (ثالثا) من المادة (80)على انه (يمارس مجلس الوزراء الصلاحيات الاتية. ثالثا: اصدار الانظمة والتعليمات والقرارات بهدف تنفيذ القوانين.)
وقد نص الدستور العراقي على اختصاصات السلطة التنفيذية ، حيث نصت المادة (67)على انه ( رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يمثل سيادة البلاد، و يسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة اراضيه، وفقاً لاحكام الدستور.)
وقضت المحكمة الادارية العليا المصرية بشأن الطعن رقم 2600 ـ50 ق. عليا – جلسة 9/4/2005 – الدائرة الأولى عليا ـ أملاك الدولة ـ ان ( المبدأ: التصرف في أراضي طرح النهر من اختصاص وزير الإصلاح الزراعي ـ صدوره من المحافظ يجعله مشوباً بعيب عدم الاختصاص).
ج- اعتداء جهة ادارية عليا على اختصاص جهة ادنى منها :
قد يحدد القانون لجهة ادارية اختصاصات لاتملكها الجهة الادارية التي تتبعها تلك الجهة وخاصة بالنسبة للهيئات التي تتمتع بقدر من الاستقلالية في عملها كالجامعات ، فأن باشرت الجهة الادارية العليا تلك الاختصاصات شاب تصرفها البطلان ، وقضى مجلس شورى الدولة اللبناني في قراره ذي الرقم 141 في 23/10/ 1986 بأن ( قرار لجنة المعادلات في وزارة التربية لا يلزم الجامعة ما لم يتخذ وفق الاصول بحضور ممثل الكلية أو المعهد المختص – فتكون صلاحية تقييم الشهادة من اختصاص الجامعة تحت رقابة القضاء ) وجاء في حيئيات القرار ان (معادلة شهادة الدكتوراه حلقة ثالثة بشهادة دكتوراه دولة الصادرة عن امين سر لجنة المعادلات في وزارة التربية لم تصدر وفقاً للاصول المحددة في المادة 67 من القانون رقم 75/67 سواء اكان لجهة تشكيل اللجنة أم لجهة بحثها في المعادلة في معرض تحققها من شرط الشهادة المطلوبة للتعيين في الجامعة اللبنانية، وبالتالي فان الافادة المذكورة تعتبر غير ملزمة للجامعة اللبنانية لجهة معادلة الشهادة التي يحملها المستدعي بشهادة دكتوراه دولة. وبما ان صلاحية تقييم شهادة المستدعي تعود والحالة هذه للجامعة اللبنانية التي تمارسها على ضوء قوانينها وانظمتها وتحت رقابة هذا المجلس، وذلك في غياب القرار الصادر وفقاً للاصول عن لجنة المعادلات في وزارة التربية الوطنية ).
وفي اطار جهة ادارية معينة قد يحصل ان يعتدي الرئيس على اختصاص مرؤوسيه.
 القاعدة ان للرئيس الهيمنة على اعمال المرؤوس، الا انه وفي حالات معينة قد يخول المشرع المرؤوس اختصاصاً معيناً دون ان يكون للرئيس التعقيب عليها ومن ثم اذا فعل ذلك كان منه اعتداءً على اختصاص المرؤوس فيقع قراره معيباً وكذلك اذا منح الاختصاص من قبل القانون مباشرة للمرؤوس او كان له اختصاص معين عن طريق التفويض فلا يجوز في هذه الحالة للرئيس ان يباشر هذه الاختصاصات ابتداءً وان كان له حق التعقيب على قرارات المرؤوس بعد اتخاذها.
وجاء في قرار لمجلس شورى الدولةاللبناني رقم107 في 3/12/ 1993 ان ( قيام الدولة بهدم الانشاءات المرخص بها من البلدية ومن دون علمها يشكل تعدياً على الملكية الفردية ويدخل ضمن اختصاص القضاء العدلي ). وجاء في حيثيات القرار (وبما أنَّ البلدية وبعد أنَّ تلقت مخابرة المحافظ بالطلب اليها تهيئة العمل لتنفيذ الهدم الذي لم يعد قابلاً التأجيل وجهت الى وزارة الداخلية ومحافظ جبل لبنان البرقية رقم 90/ص تاريخ 22/2/1965 والتي جاء فيها: "- لقد تبلغنا قرار مجلس الشورى رقم 30 تاريخ 20/2/1965 بوقف تنفيذ الهدم... ليس لدينا تقرير فني بأن بناء ي.ح. مخالف للقانون...". وبما أنَّ البلدية تدلي بأن الهدم الحاصل بتاريخ 23/2/1965 قد جرى بدون علمها لأنها كانت بانتظار جواب الدوائر المختصة حول المخالفات لاتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة. وبما أنَّ المستدعي يصر على ادعائه بأن الدولة قامت من تلقاء نفسها بهدم الإنشاءات دون علم البلدية أو صدور قرار عنها بهذا الشأن. وبما أنَّه إذا كانت الدولة قد قامت بهدم الإنشاءات دون الاستناد الى قرار بالهدم صادر عن السلطة المختصة وهي البلدية لا سيما بعد إتمام كافة الإنشاءات التي تدعي المحافظة مخالفتها للقانون فإن عملها يشكل تعدياً. وبما أنَّ أعمال التعدي تخضع لصلاحية القضاء العدلي. وبما أنَّ مسألة الصلاحية المطلقة تتعلق بالإنتظام العام وتقتضي إثارتها عفواً )
د- اعتداء الادارة المركزية على اختصاص الادارة اللامركزية.
اذا كان للادارة اللامركزية مباشرة اختصاصاتها المخولة لها قانوناً على نحو من الاستقلال " لانها تستمد اختصاصها من القانون وليس من السلطة المركزية " الا ان هذا الاستقلال ليس مطلقاً وانما تباشرالادارة المركزية نوعاً من الرقابـة ( الوصاية ) على اعمال الادارة اللامركزية وذلك بموجب ما يعطيها القانون من الاختصاصات المحددة ، كالاذن السابق والتصديق اللاحق والالغاء بالنسبة لبعض القرارات اذا كانت غير مشروعة وفي هذه الحالة على الادارة المركزية ان تلتزم حدود هذه الاختصاصات فلا تتجاوزها ( لا رقابة بلا نص ولا رقابة خارج حدود النص)( رقابة وليست سلطة رئاسية) فلا تحل نفسها محل الادارات اللامركزية لمباشرة بعض اختصاصاتها الا اذا توفرت شروط الحلول وهي : 1. نص القانون – 2- امتناع الادارات اللامركزية على اتخاذ قرار رغم تنبيهها فتحل السلطة المركزية محلها استثناءً ، او ان تقوم بتعديل بعض القرارات التي تصدرها الادارة اللامركزية في حين ان القانون لا يخولها سوى التصديق او عدم التصديق على تلك القرارات.
وقد اشار القضاء الاداري المصري في بعض احكامه الى بعض هذه العيوب التي تصيب القرارات الادارية المركزية ، ومن ذلك ما ذهبت اليه محكمة القضاء الاداري المصرية ، من ( ان وزير التربية وان كان الرئيس الاعلى للجامعة الا ان سلطته لا تتجاوز الحدود التي نص عليها القانون صراحةً ومن ثم فأن مباشرة وزارة التربية بداءةً لحق جامعة القاهرة في التقاضي ينطوي على مخالفة لقانون الجامعة وتجاوز من جانبها في أستعمال حقها في الاشراف على الجامعة الى حد مباشرة الحقوق التي تملكها هذه الاخيرة على وجه الاستقلال )وذهبت المحكمة نفسها الى ان ( من المسلم به فقهاً وقضاءً ان علاقة الحكومة المركزية بالمجالس البلدية والقروية ان هي الا وصاية ادارية وليست سلطة رئاسية وبناء على ذلك فأن الاصل ان وزير الشؤون البلدية والقروية لا يملك بالنسبة لقرارات هذه المجالس سوى التصديق عليها كما هي او عدم التصديق عليها كما هي دون ان يكون له حق تعديل هذه القرارات).
 تفويض الاختصاص: المقصود بتفويض الاختصاص في مجال النشاط الاداري هو أن يعهد عضو اداري ببعض أختصاصاته لعضو اداري أخر ليمارس مؤقتاً هذه الاختصاصات بدلاً عنه اذا جاز القانون ذلك.
ذلك ان صاحب الاختصاص ليس كمن يملك حقاً يستعمله متى شاء ويتنازل عنه متى رأى ذلك ، وانما ينبغي عليه ان يمارسه شخصيا دون ان يكون له التخلي عنه مالم يكن هناك نص قانوني يجيز له التفويض. ان الهدف من التفويض هو للتخفيف عن كاهل بعض الموظفين المنوطة بهم سلطات متعددة ورغبة في تدريب اعضاء الادارة من الكوادر الوسطى على تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات.
ويوجد نوعان من التفويض:الاول تفويض السلطة (تفويض الاختصاص) والثاني تفويض التوقيع.
والنوع الاول يؤدي الى تعديل ترتيب الاختصاص بين اعضاء الادارة ويتثمل بأنتقال الاختصاص من عضو الى أخر.
أما النوع الثاني فيهدف الى ان يتخفف صاحب الاختصاص الاصيل من بعض أعباءه المادية والخاصة بمجرد التوقيع ويعهد به الى عضو اخر ليمارسة بدلاً عنه وفي هذه الحالة يتخذ من فوض اليه التوقيع القرار باسم صاحب الاختصاص الاصيل.
 بما ان تفويض الاختصاص يؤدي الى تعديل ترتيب الاختصاص فمعنى ذلك انه يؤدي الى تخلي المفوض مدة التفويض عن ممارسة اختصاصة ، أما تفويض التوقيع فلا يؤدي الى فقدان المفوض لحقه في ممارسة اختصاصه.
وتفويض الاختصاص يوجه الى العضو الاداري بصيغة شاغل منصب مهني ومن ثم اذا ما تغير هذا العضو فأن التفويض ينتقل الى خلفة في المنصب ، وعلى العكس من ذلك فان تفويض التوقيع ذو طابع شخصي ومن ثم يسقط بتغيير المفوض والمفوض اليه.
وتختلف قوة القرارات المتخذه بموجب التفويض في الاختصاص والتفويض في التوقيع من حيث التدرج فالقرار بموجب تفويض الاختصاص يأخذ مرتبة العضو المفوض اليه في السلم الاداري.
اما القرار الصادر بموجب التفويض بالتوقيع يأخذ مرتبة العضو صاحب الاختصاص الاصيل في السلم الاداري.
 وقضى مجلس شورى الدولة اللبناني في قراره 213 في 6/1/1991 ( عدم مراعاة صلاحية السلطات التأديبية تتعلق بالانتظام العام،لايمكن تفويض الصلاحيات التأديبية الا بنص صريح يسمح بذلك ).
وفي اطار نظام تفويض الاختصاص نصت المادة (123)من دستورجمهورية العراق على انه ( يجوز تفويض سلطات الحكومة الاتحادية للمحافظات أو بالعكس، بموافقة الطرفين وينظم ذلك بقانون.)
ثانيا - عيب الاختصاص المكاني:
يقصد بعيب الاختصاص المكاني مباشرة الجهة الادارية الاختصاص خارج النطاق الاقليمي المحدد لها ، فأن كان لجهات الادارة المركزية ان تمارس اختصاصها على نطاق اقليم الدولة كله ، فأن جهات الادارة المحلية أوالاقليمية يجب ان تمارس اختصاصها في النطاق الاقليمي المحدد لها ،ومن ذلك عدم جواز ان يمارس المحافظ اختصاصه الا في نطاق محافظته ومن ثم اذا اتخذ قراراً يمتد اثره الى محافظة اخرى كان قراره معيباً بعيب عدم الاختصاص من حيث المكان. وبموجب دستور العراق لسنة 2005 لايجوز للسلطة الاتحادية ان تمارس صلاحياتها مكانيا في الاقاليم فيما عدا ماخصها بها الدستور ، جيث نصت المادة (121)على انه(اولاً: لسلطات الاقاليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وفقا لاحكام هذا الدستور، باستثناء ما ورد فيه من اختصاصات حصرية للسلطات الاتحادية.)
ثالثا - عيب الاختصاص الزماني:
يقصد به مباشرة الجهة الادارية لاختصاصها دون التقيد بالحدود الزمنية له. ومعنى ذلك انه لايجوز للموظف العام مباشرة وظيفته الا خلال الفترة الزمنية التي يتولى فيها هذا المنصب ، فاذا قام سبب من اسباب انتهاء الخدمة فيه، كالاحالة على التقاعد او الاستقالة او النقل الى وظيفة اخرى ، امتنع عليه مباشرتها ، والا كانت قراراته مشوبة بعيب عدم الاختصاص.
ويكون الاختصاص مقيداً من حيث الزمن من ثلاث نواحي:
أ ـ لايمكن لاية جهة ادارية او عضو اداري ان يمارس ماهو محدد لها من اختصاص الا في الوقت الذي يتقلد فيه المنصب و يحل هذا الوقت بتوقيع القرار الاداري بتعيينه او ابرام العقد بتعيينه او بتوقيع قرار تشكيل اللجنة.
ب ـ لايمكن للمجالس الادارية ان تباشر اختصاصها الاخلال انعقاد جلساتها كما ان مباشرة المجلس لاختصاصه مقيد بمدة ولايته ومقيد كذلك بأدوار انعقاده.
ج- تفقد الجهة الادارية اختصاصها بانهاء تقلدها للمنصب او انهاء مدة ولايتها ، وعلى سبيل الاستثناء في بعض الحالات ولتأمين استمرارية المرفق العام في حالة عدم تعيين خلف لتلك الجهة الادارة يمكن لها الاستمرار مدة اضافية في مباشرة اختصاصاتها الى ان يعين خلفا لها بموجب التشريع اوأستناداً للمباديء العامة.
من ذك، ما هو متعارف عليه بالنسبة للوزراء المستقيلين حيث يستطيعون الاستمرار في انجاز الامور المعتادة او الجارية على الرغم من قبول استقالتهم لحين تعيين خلف لهم ويعترف القضاء الفرنسي بحق تحديد ما يعتبر من الامور الجارية وما يخرج عن هذا المعنى ومن ثم يحكم بالغاء القرارات والاجراءات الصادرة من قبل الحكومة المستقيلة او الوزير المستقيل التي تتجاوز مفهوم الشؤون الجارية لانها تكون صادرة من جهة غير مختصة.
ومن المقرر فقهاً وقضاءً ان صفة الموظف العام تبقى ملازمة للشخص الى اللحظة التي يتحقق فيها سبب من اسباب انتهاء خدمته ومن ثم اي قرار يتخذه الموظف بعد ذلك يصدق عليه وصف القرار المنعدم لصدوره من المغتصب على النحو التالي:-
1- حالة العزل : تزول صفة الموظف العام بإبلاغ القرار للموظف أو بمضي مدة معينة على النشر عند غيابه.
2- حالة الاستقالة : تزول صفة الموظف العام من تاريخ قبول الاستقالة او بإنقضاء المدة المحدودة قانوناً من تاريخ ايداعه.
3- حالة العزل : كعقوبة تبعية لعقوبة جنائية او كعقوبة تكميلية لعقوبة جنائية تزول صفة الموظف بإصدار الحكم.
4- التعيين المؤقت : بالنسبة للموظف المعين لمدة محددة فصفته تزول بانتهاء المدة.
5- التقاعد : بالنسبة لانهاء الخدمة لبلوغ السن القانونية لانتهاء الخدمة فأن صفة الموظف العام تنتهي بقوة القانون بتاريخ بلوغ هذه السن حتى لو صدر قرار الاحالة الى التقاعد بعد ذلك. اما اذا صدر القرار من الجهة المختصة بمد الخدمة قبل بلوغ السن المقررة لترك الخدمة فتستمر صفة الموظف العام الى نهاية المدة الجديدة وقد يكون القرار المتخذ بمد المدة معيباً وبهذه الحالة تستمر فيه صفة الموظف العام على اساس من نظرية الموظف الفعلي في الظروف الاعتيادية اذا توفرت شروطها.
6- في حالة ان يقوم سبب لانتهاء الخدمة بالنسبة لبعض الموظفين او المجالس مع وجود نص قانوني يسمح لها بالاستمرار في ادائهم لوظائفهم الى ان يعين من يخلفهم فان صفة الموظف العام تبقى ملازمة له وتبقى قراراته منتجة لاثارها الى التاريخ الذي يحل محله فيه شخص اخر او مجلس اخر.
7- في حالة ان يصدر قرار اداري بفصل موظف ثم يصدر بعد ذلك حكم قضائي بالغاء قرار الفصل فان حكم القرارات التي يتخذها الموظف خلال المدة بين قرار الفصل وحكم الالغاء يرجع الى تاريخ اصدار قرار الفصل واعتباره كأن لم يكن.
كما ان صفة الموظف العام لا تنقطع بالنسبة للتصرفات والقرارات الداخلة بأختصاصه والتي يأمر بها بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي المقررة. كما انها لا تنقطع في حالة تمتع الموظف باجازة مقررة قانوناً ومن ثم يستطيع الموظف العودة الى ممارسة اختصاصه قبل انتهاء مدة الاجازة ولكن شرط ان يعلن رغبته على نحو كاف من الوضوح وان تكون القرارات مما يملك اتخاذها حتى لو اهمل الموظف تلك الشكلية الخاصة بالاعلان وذلك لان الاعلان يخلق غرضاً داخلياً وهو غير موجه لعامة الناس
ومن قبيل القيدود الزمنية لممارسة الاختصاص مانصت عليه المادة (72) من دستور جمهورية العراق من انه (اولاً : تحدد ولاية رئيس الجمهورية باربع سنوات ويجوز اعادة انتخابه لولاية ثانية فحسب.
 ثانياً : أ ـ تنتهي ولاية رئيس الجمهورية بانتهاء دورة مجلس النواب. ب ـ يستمر رئيس الجمهورية بممارسة مهماته إلى مابعد انتهاء انتخبات مجلس النواب الجديد واجتماعه، على ان يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ اول انعقاد له. ج ـ في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية لأي سبب من الأسباب، يتم انتخاب رئيس جديد لاكمال المدة المتبقية لولاية رئيس الجمهورية.)
 يتبع
عيب مخالفة القانون هو العيب الذي يصيب محل القرار الاداري ويدمغه بعدم المشروعية، ومحل القرار الاداري،هو المركز القانوني والاثر القانوني المباشر الذي تتجه إرادة رجل الادارة الى تكوينه، او تعديله او الغائه.
وعيب مخالفة القانون،عيب شائع في الحياة الادارية العملية، لاسباب متنوعة،فقد يكون صورة من صور تعسف الادارة في استعمال سلطاتها تجاه الافراد او هو نتيجية طبيعية للجهل بالقانون المتفشي بشكل خطير بين رجال الادارة العامة، وقد يكون التعسف في استعمال السلطات الادارية وسيلة من وسائل الفساد الاداري من خلال حجب الادارة لحقوق المواطنين عنهم او تعطيل مصالحهم المشروعة كوسيلة ضغط للنفاذ الى الكسب غير المشروع، فضلا عن عدم وجود ثقافة قانونية عامة تُعرف المواطن بحقوقه وتمكنه من المطالبة بها والدفاع عنها على اساس راسخ، يساعد على ذلك حالة عدم وجود جهة رقابية، ادارية او قضائية، فعالة يلجأ اليها المواطن للاقتصاص من العابثين بالمصالح العامة.
تختلف اثار محل القرار الاداري بحسب ما اذا كان قراراً تنظيمياً او قراراً فردياً، فأثر القرار التنظيمي يتمثل بايجاد قاعدة قانونية عامة ومجردة تنشيء او تعدل او تلغي مراكز قانونية اوحالة قانونية عامة وموضوعية.
والقرار التنظيمي ما هو الا تشريعاً فرعياً قد يكون في صورة انظمة او تعليمات او انظمة داخلية، ويعرف في مصر باللائحة، تصدره السلطة التنفيذية بما لها من اختصاص اصيل بموجب الدستور(1). والقرار التنظيمي بهذه الصفة يتضمن انشاءاً لقاعدة قانونية مما يتوجب ان يكون متفقاً مع الدستور والقانون والقرارات التنظيمة التي تعلوه مرتبة.
اما اثر القرار الاداري الفردي المباشر فيتجسد في انشاء حالة قانونية او مركز قانوني فردي او تعديله او الغائه، خاصاً بفرداً معيناً بذاته او مجموعة من الافراد معينين بذواتهم. كالقرار الصادر بتعيين موظف او نقله او انهاء خدماته.
ويتوجب ان يكون القرار الفردي متطابق مع الدستور والقانون والقرارات التنظيمية والقرارات الفردية التي تعلوه مرتبة.
ومحل القرار الفردي، بهذه الصفة لا يتضمن انشاءاً لقاعدة قانونية وانما يأتي تنفيذاً لقاعدة قانونية صدر بالاستناد اليها، اي تحديد الحكم القانوني الخاص بحالة قانونية او مركز قانوني فردي.
واذا كان يُكتفى بالنسبة للقرارات التنظيمية ان تكون علاقتها بالقواعد القانونية علاقة موافقة، الا ان القرارات الفردية ينبغي فيها،كقاعدة عامة مستقرة، أن تصدر بالمطابقة للقواعد القانونية التي جاءت تنفيذا لها.
وفي ضوء ما تقدم، يتضح ان عيب مخالفة القانون يبدو في كل حالة يكون فيها القرار الاداري، من حيث محله، مخالفا للقواعد القانونية السابقة التي صدر بموجبها أو تنفيذاً لحكمها.
ويقصد بالقاعدة القانونية، في هذا المقام، اية قاعدة قانونية عامة مجردة أيا كان مصدرها، سواء كان مصدرها الدستور أو التشريع أو العرف أو القضاء أو مبادىء القانون العامة أو قرار أداري تنظيمي، وفي حالة التعارض يتعين على الادارة أن تراعي القانون الاعلى مرتبة بحسب ما يقتضيه مبدأ تدرج القواعد القانونية.
ومن جانب اخر فإن عيب مخالفة القانون يتسع مدلوله ليشمل كل مساس بمركز قانوني مشروع سابق ايضا، ومن ثم يعتبر القرار مخالفاً للقانون اذا تنكر لحكماً قضائياً حائزاً لقوة الشيء المقضي فيه أو لقراراً إدارياً فردياً رتب حقوقاً مكتسبة او عقداً التزمت به الادارة.
1 ـ ان يصدر القرار بالمخالفة للدستور:
تتوسد القواعد الدستورية المكانة العليا في سلم التدرج الهرمي للنظام القانوني في الدولة برمته، اذ هي تسمو على كل ما عداها من قوانين وانظمة وتعليمات او قرارات تتخذها السلطات العامة بما فيها السلطة التشريعية، فالدستور هو الذي يؤسس السلطات في الدولة،وهو الذي يحدد لها اختصاصاتها وطريقة ممارسة تلك الاختصاصات،فضلا عن ما يتضمنه من قواعد متعلقة بحقوق وحريات المواطنين وواجباتهم.
ومن جانب اخر يضع الدستور قواعد عامة وموجهات وقيود ينبغي ان تراعيها سلطة التنفيذ فان حادت عن مقتضى تلك الموجهات والقيود وهي بصدد اصدار قرار اداري،أو حادت عن حدود الاختصاصات التي رسمها لها أو تحللت من القيود التي وضعها او انها خالفت بانظمة وتعليمات تبنتها، مبدأً أو نصاً دستورياً، فانها تكون بذلك قد تجاوزت الدستور وحدود سلطتها وتحقق سبب من اسباب الطعن بعدم المشروعية، ويعد ما أقدمت عليه معيبـا بعيب مخالفة القانون وباطـلاً لمخالفته الدستور.
كما لو اصدرت الادارة انظمة او تعليمات او قراراً فردياً واشارت الى ان تنفيذه يكون باثر رجعي دون سند من القانون في حين ان الدستور ينص على عدم جواز الاثر الرجعي،او ان تتخذ الادارة قرارها باسقاط الجنسية عن عراقي يحمل الجنسية الاصلية في حين ان الدستور ينص على عدم جواز اسقاطها.
وبصدد مبدأ حق الدفاع عن النفس الدستوري جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 118 في 2/7/1987 (حق الدفاع عن النفس هو من الأصول الاجرائية الجوهرية التي يجب على الادارة أن تحترمها في معرض تأديب الموظفين والتحقيق معهم وانزال العقوبات بهم ويترتب عليها اطلاعهم على كل المآخذ المنسوبة اليهم وعلى كل المستندات التي تدينهم أو تتضمن اقتراحا بمؤاخذتهم...... وبما أن عدم اطلاع المستدعي على مطالعة رئيس هيئة التفتيش المار ذكرها ليقدم دفاعه بشأنها يشكل اغفالا لمعاملة جوهرية من أصول التحقيق التأديبي وبالتالي انتهاكا لحق الدفاع الذي يعتبر أحد المبادئ العليا التي كرسها الاجتهاد والقانون الوضعي كما كرستها الدساتير في البلدان الراقية. وبما ان القرار المطعون فيه يكون مستوجبا النقض لهذا السبب في الجزء منه المتعلق بالمستدعي. وبما أنه لم يعد من حاجة لبحث توفر سائر أسباب النقض المدلى بها. لهذه الأسباب، يقرر بالاجماع: 1 – قبول المراجعة في الشكل. 2 – قبول المراجعة في الأساس ونقض القرار رقم 31/83 تاريخ 3/3/1983 الصادر عن هيئة التفتيش المركزي في الجزء منه المتعلق بالمستدعي وتضمين الدولة الرسوم ومئة ليرة رسم محاماة ورسم صندوق تعاضد القضاة. قراراً أعطي وأفهم بتاريخ صدوره في 8/7/1987. )
وجاء في قرار للمجلس نفسه برقم 15/98ـ99 في 7/10/1998( اقتراع المرأة المتزوجة في قلم اقتراع اهلها يشكل مخالفة حاسمة اذا كان من شأنه التأثير على نتيجة الاقتراع، ويجب حسم اصوات النساء المتزوجات مداورة من اصوات الفائزين والخاسرين.) وان (قاضي الانتخابات ليس قاضي نظامية فقط بل هو ايضا قاضي حرية ونزاهة الانتخابات).
2 ـ ان يصدر القرار الاداري بالمخالفة للمعاهدات والاتفاقات الدولية :
تعد المعاهدات الدولية المصادق عليها من مجلس النواب والنافذة حسب الاجراءات المتبعة للنفاذ داخل الدولة، جزءاً من القانون الداخلي للدولة، ملزمة للسلطات العامة والافراد ويتعين على الجميع احترامها.
وتثير مسألة تطبيق المعاهدات الدولية والرقابة القضائية الواردة عليها شيئأ من الحساسية والنزاع الدولي في احيان كثيرة، وعلى هذا درج القضاء الاداري في كل من فرنسا ومصر على اعتبار القرارات الادارية الصادرة استناداً الى معاهدة او اتفاقية دولية من اعمال السيادة التي لايختص بنظرها القضاء، وتحل النزاعات الناشئة عنها بالطرق الدبلوماسية.
3ـ ان يصدر القرار بالمخالفة للقانون بمعناه الشكلي ( التشريع ) : تتولى السلطة التشريعية في الدولة سن التشريع العادي في حدود اختصاصها المبين في الدستور وهو ما يعرف بالتشريع العادي، واعمالاً لمبدأ المشروعية فانه يتعين على السلطات الادارية في الدولة ان تتصرف طبقا لما تقضي به القوانين وبخلافه تتعرض تصرفاتها للألغاء لعدم مشروعيتها.
ومدى التزام الادارة بالخضوع الى القانون يتحدد فقط بالقوانين التي تتفق وطبيعة عملها، الامر الذي يجيز لها ان تستبعد كلية بعض القوانين التي لا تتلاءم ونشاطها الاداري، وتعمل على تطبيق قواعد واحكام اخرى مغايرة تتماشى وطبيعة هذا النشاط.
غير ان للادارة ان تتخلى عن وسائل القانون العام، وتلجا في تصرفاتها الى وسائل القانون الخاص وعندئذ تكون في مركز قانوني شبيه بالمركز القانوني للافراد العاديين وفي حدود هذا التصرف.
ومن الطبيعي ان تخضع وظيفة السلطة التنفيذية لوظيفة السلطة التشريعية فيما تصدره من قرارات تنظيمية او فردية ومقتضى ذلك انه لايجوز للادارة بمختلف هيئاتها ان تتخذ اى عمل او تصدر اى امر او قرار الابمقتضى القانون وتنفيذا له. ومـرد ذلـك الى امـريـن الاول،هو انه لكى يتحقق هذا المبدأ يلزم ان تكون الاجراءات الفردية التى تتخذها السلطات العامة منفذة لقواعد مجردة موضوعة سلفا فتتحقق العدالة والمساواة.والثانى،هو ان القانون يصدر عن هيئة منتخبة تمثل الشعب وتمارس السيادة بأسمه، وخضوع الادارة للقانون يحقق لتلك الهيئة الهيمنة غير المباشرة على تصرفات الادارة، على انه يجب ان لا يفهم من ذلك ضرورة خضوع الجهاز الاداري بوصفه هيأة للجهاز التشريعي، وانما يكفي ان تكون الوظيفة الادارية او التنفيذية تابعة للوظيفة التشريعية. فالخضوع في الواقع هو خضوع وظيفي وليس هو حتماً خضوعاً عضوياً، ويعرف هذا المبدأ بمبدأ المشروعية فى العمل الادارى،وبمقتضاه لايجوز للسلطات الادارية ان تلزم الافراد بشئ خارج نطاق القوانين النافذة ومن ناحية اخرى لا تستطيع ان تفرض عليهم شيئاً الا اعمالا للقانون.
كأن تفرض الادارة على الافراد ضريبة او رسم لم ينص عليهما القانون، أو ان تفرض عقوبة تأديبية على موظف لم ينص عليها القانون او نص عليها بشروط واجراءات معينة لايقاعها، حتى لو تم الامر على شكل عقوبة مقنعة، كأن تقرر الادارة معاقبة عدد من الموظفين لاسباب حزبية او شخصية كالانتقام، فتقرر تنزيل درجتهم الوظيفية وتبرر ذلك بتبريرات مزيفة كأعادة التنظيم الاداري، وهذه التصرفات ما هي الا عقوبات مقنعة في حقيقتها ومعناها،جاءت خلافأً للقانون، والقاضي الاداري هو من يكشف حقيقتها بفطنته وسلامة تقديره للامور.
أو ان تتضمن الانظمة والتعليمات مبداً جديداً لم ينص عليه القانون فتكون الادارة والحالة هذه قد نصبت نفسها كمشرع، أو انها تتضمن نصا يستثنى احداً او فئة معينة من تطبيق القانون دون سند قانوني يبرره، وخلافاً لمبدأ المساواة امام القانون.
ذلك ان مهمة الادارة او السلطة التنفيذية تتجسد بصفة عامة بادارة المرافق العامة والاشراف على حسن انتظام سيرها بهدف اشباع الحاجات العامة وفقاً للتشريعات التي سنتها السلطةالتشريعية.
قضية طبيب الاسنان الفرنسي Moussy : تلخص وقائع هذه القضية، بانه صدر تشريع في فرنسا يجيز لاطباء الاسنان من خريجي المعاهد الطبية الاجنبية والمتجنسين بالجنسية الفرنسية المقيمين في منطقتي الالزاس واللورين قبل سنة 1918 ان يمارسوا المهنة في اي مكان من فرنسا.
وحصل ان رغب طبيب فرنسي الاصل ان يستفيد من هذا التشريع لتوفر الشروط فيه، فقدم طلباً بذلك الى الادارة، فرفضت طلبه، واسست رفضها على ان صاحب الطلب فرنسي اصيل، في حين ان القانون يخص المتجنسين بالجنسية الفرنسية، فطعن الطبيب بالقرار مطالباً الغائه لمخالفته القانون، فقضى له مجلس الدولة بما طلب والغى القرار، واسس المجلس حكمه على ان الادارة فسرت القانون تفسيراً خاطئاً، لانه لايقبل ان يفضل المشرع الاجنبي المتجنس على صاحب الجنسية الاصيل، فما دام قد سمح للاجنبي الاصل بمزاولة المهنة فمن باب اولى ان يسمح للوطني الاصل.
وبصدد مخالفة الادارة للقانون جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 152 في27/5/1992
( أنَّه يقتضي تصنيف المستدعية وفاقاً لأحكام المادة 44 من المرسوم الاشتراعي رقم 134 تاريخ 12/6/1959، باعتبارها دخلت الأكاديمية اللبنانية سنة 1950 وتخرجت منها حاملة شهادة جامعية، وانه بناء على القرار الإعدادي الصادر عن هذا المجلس بتاريخ 9/6/1970 عرضت شهادتها على لجنة المعادلات التي قررت بتاريخ 9/10/1970 أنَّ شهادتها هي شهادة جامعية رسمية، وانه كان على وزارة التربية أنَّ تصنفها برتبة وراتب أستاذ تعليم ثانوي في الدرجة الاخيرة ابتداء من تاريخ صدور المرسوم الاشتراعي رقم 134/59 مع ما يترتب على ذلك من نتائج قانونية، وأن رفض الإدارة تصحيح وضعها مخالف لنص المادة 44 المشار اليها ومشوب بعيب تجاوز حد السلطة فيقتضي إبطال قرار الرفض وإعلان حقها بالتصنيف وفاقاً لأحكام هذه المادة. 2- أنَّه يقتضي تصحيح وضع المستدعية على أساس مبدأ المساواة، باعتبار ان هذا المجلس قد أصدر عدة قرارات عائدة لموظفي هم في وضع مشابه لوضعها، وأن مبدأ المساواة واجب التطبيق حتى بالنسبة لمن انقضت مهل المراجعة بحقهم.)
وجاء في قرار اخر لمجلس شورى الدولة اللبناني برقم 140 لسنة 1986ان (صدور القرار مطبوعاً على الآلة الكاتبة ليس افشاء لسر المذاكرة لان النص المطبوع يبقى مشروع قرار ولا يصبح قراراً الا بالتوقيع)
وجاء في قراره رقم 114 في11/11/1993ان ( عدم دعوة الفرقاء لاجراء الكشف يشكل مخالفة لاصول المحاكمات، وعلم المستدعي بالكشف الذي اجرته لجنة الاستملاك لا يعد رضوخا. وان (تقدير عناصر التعويض يعود لقاضي الاساس ويخرج عن رقابة مرجع النقض)
وبصدد مخالفة قانون الاستملاك جاء في قراره رقم 134 في 29/11/1993ان( النص القانوني الذي يجيز وضع للبلدية وضع اليد موقتا على العقارات غير المبنية لتحويلها الى مواقف سيارات لا يخولها الحق في طلب استملاك العقارات.)
وجاء في قراره رقم 115 في 30/11/1994( وبما ان الاضرار الناتجة عن وجود حقل الرماية بالقرب من عقار الجهة المستدعية تؤول إلى التدني في قيمته الشرائية وتحد من امكانيات استثماره والاستفادة منه والاقامة فيه والتنقل في مختلف انحائه وخاصة المحاذية منها لحقل الرماية وذلك بسبب الخطر الناتج عن استعمال الاسلحة النارية والمتفجرات. وبما انه يتضح بالتالي ان وجود المنشآت العامة تلحق ضرراً اكيداً ومباشراً ومستمراً بعقار الجهة المستدعية.....وبما ان الجهة المستدعية افادت ان الدولة استملكت قسماً من العقار الاساسي بمعدل /3015/ل.ل. عن كل متر مربع وانها امنت العقار المذكور لدى البنك اللبناني للتجارة لقاء مبلغ قدره ماية وخمسون الف ليرة لبنانية.وبما انه لا شأن لموضوع هذه المراجعة بالعلاقات الخاصة القائمة بين المصرف المذكور والجهة المستدعية.وبما ان الضرر الواقع لا ينزع ملكية العقار، وان قيمة التعويض المستحق للجهة المستدعية لا توازي القيمة الشرائية للعقار بكاملها أو القيمة المحددة للاستملاك.وبما ان هذا المجلس يرى ان التعويض العادل والنهائي عن الضرر اللاحق بالجهة المستدعية يمكن تقديره بمبلغ مقطوع قدره /135000/ليرة..... يقرر مجلس شورى الدولة بالاتفاق...الزام الدولة بأن تدفع للجهة المستدعية تعويضاً مقطوعاً بقيمة /135/ الف ليرة لبنانية مع فائدة 9٪ من تاريخ الحكم.... تضمين الدولة الرسوم واتعاب المحاماة.).
وبصدد الطعن بالقرارات التنظيمية جاء في القرار رقم 133 لسنة1993( مذكرة وزير المالية بوقف صرف تعويض النقل والانتقال المحدد بمرسوم هو من القرارات التنظيمية لا الفردية ويمكن الادلاء بعدم قانونيتها بعد انقضاء المهلة.) وبصدد تنصيب الادارة نفسها قاضياً جاء في قراره رقم 115 في 7/9/1986ان (مهمة لجان الاستملاك تقتصر على تحديد التعويض المترتب على الاستملاك دون ان تتعداها الى البحث في قانونية الاستملاك).
وعن الضرر الذي تلحقه اشغال الدولة العامة بالمواطنين جاء في قراره رقم 119 لسنة 1987 انه ( وبما ان المستدعي هو من الأشخاص الثالثين بالنسبة لمنشآت المستدعى ضدها ومنها بركة شارل حلو التي انفجرت ويكفي لترتيب مسؤولية هذه الأخيرة توفر الرابطة السببية المباشرة بين انفجار البركة المذكورة والأضرار اللاحقة بعقارات المستدعي من جهة وأن تكون الاضرار المذكورة تتجاوز الأعباء المفروض بأهل الجوار أن يتحملوها بصفتهم هذه ولا يعفى من هذه المسؤولية الا القوة القاهرة. وبما أن هطول الأمطار الغزيرة لا يشكل بحد ذاته القوة القاهرة التي لا يمكن توقعها أو درء أخطارها وبالتالي يرى المجلس اعتبار المستدعى ضدها مسؤولة بالتعويض عن هذه الاضرار اللاحقة بالمستدعي والتي يحددها هذا المجلس بما له من سلطان تقديري واسع وفي ضوء تقرير الخبير وظروف القضية بمبلغ اجمالي قدره /13000/ ل.ل. ثلاثة عشر الف ليرة لبنانية.)
تخضع القرارات الادارية ذاتها لمبدأ التدرج من الناحية الشكلية والموضوعية، ويجب ان تلتزم مع بعضها باحكام البعض الاخر لتفاوت درجاتها في سلم التدرج القانوني، وعلى النحو التالي :
اـ مبدأ التدرج الشكلي للقرارات الادارية : ينتظم القرارات التنظيمية فيما بينها مبدأ التدرجٍ الشكلي ايضا، ويمكن التمييز بين القرارات الادارية على اساس شكل او عنوان صدورها، فهناك القرارات التي تصدر من رئيس الجمهورية ويمكن ان تتخذ شكل مرسوم جمهوري، او نظام، بينما تتخذ القرارات الصادرة من مجلس الوزراء شكل او عنوان نظام او قرار او تعليمات،وهناك القرارات التي تصدر عن الوزراء وتتخذ شكل امر وزاري او امر اداري او تعليمات داخلية، بينما تصدر القرارات الادارية من المدراء العامين على شكل امر اداري،فالقرار التنظيمي الصادر من مجلس الوزراء ينبغي ان لا يخالف قراراً تنظيمياً صادراً بمرسوم جمهوري، وهكذا الحال بالنسبة للقرار الاداري الصادر من الوزير. ان مبدا التدرج الشكلي يحدد الاحوال التي يتم بموجبها احترام القرارات التنفيذية الصادرة من جهات الادارة المختلفة المتدرجة في سلم الوظيفة العامة.
فالرئيس الاداري لا يمكن ان يخضع الى قرارات ادارية صادرة من جهة ادارية ادنى منه في السلم الاداري، ومن جانب اخر لا تستطيع السلطة الادارية الاعلى، حسب الاصل، ان تحل نفسها محل السلطة الادارية الادنى في اتخاذ القرار الذي تختص باصداره بموجب القانون، مادامت الجهة الادنى قد استمدت صلاحياتها من القانون مباشرة وليس من الرئيس الاداري،ما لم ينص القانون على خلافه.
واذا كان من المعتاد ان تصدرالقرارات الادارية بصيغة مكتوبة،فليس هناك ما يمنع من اصدار القرار الاداري شفاهاً، ما لم ينص القانون صراحة او ضمناً على اصداره مكتوباً، ومثال النص الضمني ان يشترط القانون نشر القرار الاداري بالوسائل المختلفة.
ب ـ مبدأ التدرج الموضوعي للقرارات الادارية : ان التدرج الذي ينتظم القرارات الادارية ليس تدرجا شكليا فحسب وإنما يوجد الى جانبه التدرج الموضوعي في القرارات الادارية ايضا.
ويقصد بالتدرج الموضوعي، التزام القرار الفردي أحكام القرار التنظيمي فلا يخالفها سواء أُصدر القرار الفردي من جهة أدنى من الجهة التي أصدرت القرار التنظيمي أو نفس جهة الاصدار أو جهة أعلى من الجهة التي أصدرت القرار التنظيمي. ويترتب على ذلك انه لا يجوز ان يخالف القرار الفردي الصادر من وزير قراراً تنظيمياً صادراً من مدير عام ما لم ينص القانون على خلافه.
اما بالنسبة للقرارات الادارية المتعارضة الصادرة من جهة إدارية واحدة، فأن هذه المسألة يمكن ان تتخذ الصور التالية :
- أن تصدر الادارة قرارا تنظيميا بالمخالفة لقرار تنظيمي سابق صدر عنها، في هذه الحالة يكون قرارها اللاحق صحيحاً، اذ تسري هنا قاعدة اللاحق ينسخ السابق.
- أن تصدر الادارة قرارا فرديا بالمخالفة لقرار فردي سابق صادر عنها، وهذا جائز ولكن في حدود الاحوال التي يجوز فيها التعديل أو الالغاء أو السحب، احتراماً للحقوق المكتسبة.
- أن تصدر الجهة الادارية قرارا فردياً بالمخالفة لقرار تنظيمي سابق صادر عنها. وهذا غير جائز لتحقق عيب مخالفة القانون.
ج ـ مبدأ احترام الحقوق المكتسبة: على الاداة ان تراعي الحقوق المكتسبة للافراد وعليه عندما تصدر الادارة قرارا يتعارض مع قرارات ادارية سابقة التي تولد عنها حقوق للأفراد فانه لا يجوز لها من حيث المبدأ الغائها،مالم ينص القانون على خلاف ذلك.
كان تصدر الادارة قرارا تنظيمياً يتعارض مع قرار تنظيمي سابق او قرارات فردية سابقة صدرت عنها،في مثل هذه الاحوال تسري احكام القرار التنظيمي او الفردي باثر مباشر ولايمس ذلك ماسبق من قرارات تطبيقاً لمبدأ عدم رجعية القرارات الادارية، وعلى سبيل المثال فانه لا يمكن لقرار وان صدر من جهة ادارية اعلى ان يلغي قرارا لجهة ادارية ادنى اذا تعلق بهذا الاخير حق مكتسب للافراد كما انه لا يجوز ايضا ان يمس القرار التنظيمي الحقوق المكتسبة الناشئة بموجب قرار فردي.
وبصدد الحقوق المكتسبة جاء في قرار لمجلس شورى الدولة اللبناني رقم 127 لسنة 1987ان ( قرار الادارة بسحب الترخيص بعد انقضاء مهلة الشهرين على صدوره مستوجب الابطال لمخالفته مبدأ الحقوق المكتسبة.)
العرف قانون اجتماعي تلقائي، يتكون من تلقاء نفسه في حياة الناس بناءاً على قوة العادة وتحت ضغط حاجات الافراد.
والعرف هو اطراد العمل بين الناس وفقاَ لسلوك معين اطراداً مقترناً بأحساسهم بوجود جزاء قانوني يكفل احترام هذا السلوك. ولكي يصبح العرف مصدراً من مصادر القانون، لابد ان تتوفر فيه عدة شروط وهي ان يكون عاماً وان يكون قد استقر فترة من الزمن، وان يكون ثابتاً وان يكون ملزماً وان لايكون مخالفاً للنظام العام والاداب.
وهذه الشروط يمكن ردها الى عنصرين الاول هو عنصر العادة ويتكون من صفات العموم والقدم والثبات، وعنصر معنوي هو الالزام.
والعرف بهذا المعنى قاعدة قانونية يستوجب توقيع جزاء مادي على مخالفته.
ويمكن تعريف العرف الاداري بانه مجموعة القواعد التي درجت الادارة على اتباعها فيما يتعلق بمجال معين من نشاطها بحيث تصبح هذه القواعد بمثابة القواعد القانونية من حيث الزامها.
وتأكيداً على اهمية العرف الاداري، تقول محكمة القضاء الاداري المصرية ( ان العرف الاداري هو بمثابة القانون من حيث وجوب احترامه والعمل به، فأذا ما خالفت الجهة الاداية العرف الاداري يكون تصرفها والحالة هذه قد انطوى على مخالفة القانون، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه باطلا ويكون المدعي محقاً في دعواه ).
وفي حكم اخر تذهب هذه المحكمة الى انه اذا وضعت احدى الجامعات مشروع لائحة والتزمته وطبقته باطراد ودون ان يصدر به تشريع اصبح هذا المشروع قاعدة تنظيمية عامة تعتبر مخالفتها مخالفة قانونية، وذلك ان المخالفة القانونية ليست مقصورة على مخالفة نص في قانون او لائحة، بل هي تشمل مخالفة كل قاعدة جرت عليها الادارة والتزمتها منهجاً لها.
ويلاحظ ان احترام القواعد العرفية والالتزام بها من قبل الادارة لا يعني دوام هذه القواعد الى الابد. لانه القول بذلك يؤدي الى قعود الادارة عن مواكبة التطورات التي تلحق بعموم المجتمع وبالعمل الاداري خاصة، وعلى هذا قد تتخذ الادارة سلوكا جديداً لمواجهة وقائع واحوال مستجدة وتستقر عليها فترة من الزمن ليأخذ شكل العرف تدريجياً.
ولكي تتحقق مشروعة العرف الجديد ينبغي ان يسري عليه مبدأ مساواة المواطنين امام القانون، اي ان يطبق بصفة مستمرة على جميع الحالات التي تواجهها الاارة بعد استقراره، فاذا تبين ان خروجها عن العرف القديم كان محاباة لحالة فردية، وانها عادت لتطبيق العرف القديم على حالات اخرى، تحقق عيب مخالفة القانون.
رغم اقرار جميع فقهاء القانون بالاهمية الكبرى لمباديء القانون العامة باعتبارها تعبر عن حيوية النظام القانوني وأداة من ادوات تنميته وتطويره، فانه لايوجد اتفاق فقهي على تحديد المقصود منها.
ويذهب رأي الى ان المبدأ العام هو قاعدة القواعد القانونية،بمعنى قابلته على الانطباق على قواعد قانونية اخرى بحيث تكون الاخيرة تطبيقاً للمبدأ العام، واذا اخذنا المبدأ العام على هذا المعنى، فانها يصبح فكرة فنية المقصود منها وضع بناء منطقي متماسك للقواعد القانونية.
وعرفها الفقيه بيسكاتوري بأنها، مجموعة من المباديء التي تستخدم في توجيه النظام القانوني، من حيث تطبيقه وتنميته، ولو لم يكن لها دقة القواعد القانونية الوضعية وانضباطها.
ونبه الفقيه ريبير الى ضرورة تحاشي تعريف المباديء العامة للقانون، وهو يعتقد ان المباديء العامة يمكن التعرف عليها عندما تقع مخالفة لها، فلئن كان من الصعب تعريف المبدأ الاساس في احترام الملكية الخاصة، الا انه يمكن التعرف على المبدأ عند مصادرة الملكية دون مقابل وبطريقة تحكمية.
المباديء القانونية، اما ان تكون مكتوبة او غير مكتوبة.
والمباديء القانونية غير المكتوبة، انما تستقر في ذهن وضمير الجماعة، تمليها العدالة المثلى وهي تستند الى المنطق والعقل والحدس وطبيعة الاشياء وقواعد العدالة والاخلاق ولاتحتاج الى نص يقررها ويمكن ان تستمد منها قواعد قانونية ملزمة يتعين الخضوع لها، يعمل القاضي على الكشف عنها وتقريرها مستلهماَ اياها من روح التشريع، فيعلنها من خلال احكامه معطياً اياها القوة الالزامية. ومن ثم يتعين على الادارة احترامها والالتزام بها، ويعد كل تصرف مخالف لها معيباً بعيب مخالفة القانون.
وكثيرا من مباديء القانون العامة تحولت الى قواعد قانونية مكتوبة عندما يتبناها المشرع وهو بصدد سن التشريعات المختلفة.
ويتنوع مضمون المباديء العامة بحسب طبيعة المجال القانوني الذي تعمل فيه، الا انه يمكن ارجاعها من حيث اساسها وجوهرها الى مبدأين اساسيين هما مبدأ الحريـة ومبدأ المسـاواة.
ويمكن ان ترجع المبادىء الاتية الى مبدأ الحريـة :
ـ مبدأ لاجريمة ولا عقوبة الا بنص.
ـ مبدأ حرية العقيدة والارادة.
ـ مبدأ ان الاصل براءة الذمة، ويتفرع عنه مبدأ ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة
عادلة.
ـ مبدأ احترام الحقوق المكتسبة.
ـ مبدأ عدم رجعية القرارات الادارية.
ـ الملكية الخاصة والحرية الفردية مكفولتان في حدود القانون.
ـ مبدأ ان لاتقييد للحريات العامة الا بقانون.
ـ مبدأ اتاحة دعوى قضائية لكل من تضررت مصالحه نتيجة قرار اداري معيب.
ـ مبدأ خضوع كل سلطة ادارية للرقابة، ويتفرع عنه مسؤولية الوزير امام البرلمان.
ـ مبدأ حق الدفاع في المحاكمات التأديبية.
ـ مبدأ ضرورة سير المرفق العام بانتظام.
ـ مبدأ بطلان التصرفات نتيجة الاكراه.
ـ مبدأ عدم جواز الالتزامات المؤبدة.
ـ مبدأ عدم التعسف في استعمال الحق.
ويمكن ان ترجع القواعد التالية الى مبدأ المساواة :
ـ مبدأ مساواة المواطنين امام القانون.
ـ مبدأ مساواة المواطنين في الانتفاع من المرافق العامة.
ـ مبدأ المساواة في تحمل التكاليف والاعباء العامة.
ـ مبدأ المساواة بين الجنسين في الوظائف العامة.
ـ مبدأ المساواة في الضريبة.
ـ مبدأ المساواة في مباشرة الاعمال الاقتصادية.
ـ مبدأ المساواة في المعاملة.
ـ مبدأ حق الحياة لكل فرد.
ـ مبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون.
ـ مبدأ تغير الاحكام بتغير الازمان.
ـ مبدأ تفوق المعاهدة الدولية على القانون الداخلي.
ـ مبدأ ان الغلط الشائع يقوم مقام القانون(2).
وما ذكر اعلاه من مباديء قانونية عامة،هو على سبيل المثال لا الحصر، حيث لايمكن حصر المباديء العامة في اطار حدود معينة، لانها قابلة للخلق وللتطور بمرور الزمن.
ويرجع الفضل في استنباط المبادئ العامة للقانون الى مجلس الدولة الفرنسي من خلال ما اصدره من احكام منذا انهيار الجمهورية الثالثة وهزيمة فرنسا عام 1948 وسقوط دستورها، وما رافق ذلك من اعتداء وتجاوز على الحريات العامة، فتدخل مجلس الدولة للذود عنها من خلال نظريته في مباديء القانون العامة ليحلها محل الدستور، تلك المباديء التي استقرت في ضمير الجماعة وتبقى قائمة فيه على الرغم من سقوط النظم او الوثائق الدستورية التي تقررها.
وبصدد احترام مبدأ احترام الحقوق المكتسبة جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 124 لسنة 1988( المباشرة بتنفيذ رخصة البناء دون مخالفة مضمونها يمنع السلطة من اخضاع الترخيص لأي تغيير أو تعديل في شروطه.)
وبنفس المعنى ماجاء في قراره رقم 127 لسنة 1987ان ( قرار الادارة بسحب الترخيص بعد انقضاء مهلة الشهرين على صدوره مستوجب الابطال لمخالفته مبدأ الحقوق المكتسبة.)
وجاء في حيثيات القرار (... وبما أنه اذا كان قرار تمديد الترخيص رقم 10/86 تاريخ 7/11/1985 قانوني فكان على المستدعى ضدها أن تعمد الى سحبه ضمن مهلة الشهر التالية لصدوره، وطالما أنها لم تفعل فقد نتج عن القرار المذكور حقا مكان المستدعي باستكمال شروط الترخيص بالانشاء لغاية انتهاء المدة المحددة في قرار التمديد المذكور التي تنتهي في 7/11/1986.وبما أن القرار المطعون فيه، بإلغائه قراري الترخيص والتمديد قبل انقضاء المدة القانونية المحددة لاستكمال شروط الترخيص، يكون مخالفا للقضاء ومستوجبا الإبطال.)
وجاء في قراره رقم 131 لسنة1992 ( اذا كان الترخيص للمؤسسة المصنفة او عدمه متروك لتقدير الإدارة، فعدم فتح المجال لصاحب الحق المكتسب بتصحيح وضعه في مهلة معينة مخالف للقانون.وبما أنَّ منح الترخيص أو رفضه بإنشاء مؤسسة مصنفة هو من اختصاص الإدارة الاستنسابي تمارسه تحت رقابة هذا المجلس القضائية.
وبما أنَّه لا يقفل محل مصنف إلا بعد إنذار صاحب الحق المكتسب بالاستثمار بوجوب تلافي المحاذير والتقيد بالشروط القانونية وإعطائه مهلة لذلك يمكن الإدارة بعد انقضائها أنَّ تعمد الى إقفال المحل المصنف إذا لم يزل صاحب الحق بالاستثمار المحاذير ولم يتقيد بالشروط القانونية.
وبما أنَّه إذا كان الترخيص أو عدمه متروك لاستنساب الإدارة تمارسه تحت
رقابة هذا المجلس القضائية فعدم فتح المجال لصاحب الحق المكتسب بتصحيح وضعه وتجهيز مؤسسته بحيث يصبح إنتاجها مطابقاً للشروط القانونية المفروضة لهذا الانتاج هو مخالف للقانون.
وبما أنَّ قراري المحافظ رقم 180 ورقم 187 بإقفال مؤسسات المستدعين دون إمهالهم لتسوية أوضاعهم ورفض وزارة الاقتصاد طلبهم تعديل ترخيص تمهيداً لتسوية هذه الاوضاع تكون مخالفة للقانون ومستوجبة الإبطال. لذلك.)
وبصدد عدم جواز رجعية القرارات الادارية جاء في قراره رقم 136 لسنة 1987 ( عدم جواز تضمين المرسوم الاشتراعي مفعولا رجعيا ما لم تفوض السلطة المشترعة صراحة بذلك. وبما انه اذا كان في الأصل ووفق المبادئ العامة لا تطبق القوانين بمفعول رجعي ما لم تحتوي أحكاما صريحة أو ضمنية على ذلك. كما أنه لا يجوز أن ينص المرسوم الاشتراعي على مفعول رجعي له ما لم تفوض السلطة المشترعة صراحة بذلك – وهذا التفويض لم يحصل بموجب القانون..... فسخ القرار المستأنف والحكم مجددا بتصديق التكليف المعترض عليه وتضمين المستأنف ضده الرسوم والمصاريف القانونية ).
ومن القرات المهمة لمجلس شورى الدولة اللبناني، ماجاء بصدد اغفال القانون الجديد الاشارة الى الاحكام الانتقالية بالنسبة للحالات التي اكتملت في ظل القانون القديم الا ان الاجراءات الادارية لم تكتمل الا بعد نفاذ القانون الجديد، جاء في قراره رقم 129 لسنة 1986انه ( بالنسبة للمستدعي في انه بعد ان انهى دروسه الثانوية اختار كمهنة له التحاليل الطبية وبدأ دروسه للحصول على الشهادات والخبرات التي يفرضها القانون الذي كان مرعي الاجراء في ذلك الوقت، وهو قانون مزاولة المهن الطبية الصادر بتاريخ 26/12/1946، واتم تلك الدروس والخبرات، واصبح بوضع قانوني يؤهله لقطف ثمار جهوده والحصول على اجازة فتح مختبر طبي في ظل القانون ذاته، فاذا بقانون جديد، هو قانون تنظيم المختبرات الطبية الخاصة، يصبح ساري المفعول ويعدل الشروط الواجب توفرها في طلب الحصول على اجازة لفتح مختبر طبي. وبالنسبة للادارة في ان المستدعي لم يكمل تقديم المستند الذي يثبت انه يحمل شهادة البكالوريا – القسم الثاني أو ما يعادلها الا بتاريخ لاحق لدخول قانون تنظيم المختبرات الطبية الخاصة حيز التنفيذ وان الادارة وجدت نفسها بالتاريخ الذي كان مفروضاً ان تتخذ فيه قرارها في شأن طلب المستدعي امام احكام القانون الجديد الذي يفرض في طالب الحصول على اجازة لفتح مختبر طبي شروطاً جديدة غير متوفرة في المستدعي. وبما ان المشترع يأخذ عادة هذه الحالات بعين الاعتبار ويلحظ صراحة في القوانين التي يتخذها احكاما انتقالية تسمح، خلافاً لقاعدة شمولية مفعول القوانين الجديدة، باستمرار خضوع بعض الاوضاع أو النتائج المترتبة عليها لاحكام القانون السابق الملغى أو المعدل صراحة أو ضمناً، وذلك كلما كان الامر يتعلق بتحقيق النتائج المفروض ترتبها عن الاوضاع التي استكملت مقوماتها في ظل القانون السابق وكان بين تلك الاوضاع والنتائج المترتبة عنها ارتباط وثيق يجعل منها وحدة غير قابلة للتجزئة. وبما ان عدم لحظ قانون 17/1/1979 صراحة، احكاماً انتقالية للحالات المماثلة التي يمكن ان تنشأ بسبب صدورها لا يعني بشكل اكيد ان المشترع اراد عن قصد عدم رعاية تلك الحالات باحكام انتقالية خاصة تسمح بتحقيق النتائج المترتبة عنها، لا بل ان العكس هو المفترض، أي ان المشترع يقر ضمناً اعتماد مثل هذه الاحكام، لانه لا يعقل ان يطلب مثلاً من طالب قضى السنوات الطوال في دراسة الطب وفق منهاج يقرره قانون معين ويولي من يستكمله حق الاشتراك بامتحان الكولوكيوم لممارسة مهنة الطب، ان يقضي مجدداً سنوات عديدة في دراسة الطب وفق منهاج جديد لمجرد صدور قانون جديد يفرض هذا المنهاج كشرط للاشتراك في امتحان الكولوكيوم.
يراجع في هذا الشأن: Roubier, Le Droit Transitoire, Conflit des lois dans le temps, 2em ed. p. 351. وبما ان المستدعي استكمل كما هو ثابت من اوراق الملف، في ظل قانون سنة 1946، مقومات الوضع الذي يؤهله للحصول على اجازة فتح مختبر طبي، بما في ذلك شهادة نهاية الدروس الثانوية التي نالها سنة 1968 والتي اعتبرت معادلة للقسم الثاني من شهادة البكالوريا اللبنانية بموجب قرار لجنة المعادلات ذي المفعول اعلاه، فانه يكون من حقه وفقاً للمبدأ الآنف الذكر ان يستفيد من النتائج المترتبة عن هذا الوضع والمرتبطة به ارتباطاً وثيقاً والمتمثلة بالحصول على اجازة فتح مختبر طبي وفق احكام قانون سنة 1946 وفي الحدود التي يفرضها هذا القانون وبما ان كل ما ادلى به خلاف ذلك يكون في غير محله القانوني ويقتضي معه رد جميع الاسباب والمطالب الزائدة والمخالفة.,..... يقرر المجلس بالاجماع.... ابطال قرار وزارة الصحة الضمني موضوع المراجعة، والقول بحق المستدعي استناداً لما تقدم بالحصول على اجازة فتح مختبر طبي وفاقاً لاحكام قانون سنة 1946 وفي الحدود التي يفرضها هذا القانون ورد المطالب الزائدة والمخالفة.
وجاء في قرار المجلس اعلاه رقم 202 في 6/1/1994( يمكن لسلطة الوصاية رفض التصديق على القرار البلدي لاسباب تتعلق بالمشروعية كما يمكنها التذرع بتقديرها الاستنسابي – المباشرة بتنفيذ المشروع الذي استملك العقار من اجله هي المباشرة بالعمل الفعلية والجدية لا المباشرة الوهمية كتشييد تصوينة او اجراء حفريات تحايلا على القانون.وجاء في حيثيات القراروبما انه وفي العلم والاجتهاد ان المباشرة بالعمل التي قصدتها المادة 37 من المرسوم الاشتراعي رقم 4 انما هي المباشرة الفعلية الجدية لا المباشرة الوهمية او التي تشكل تحايلا على روح القانون وقد ورد في الاجتهاد،انه لو عمدت الادارة على تشييد تصوينة او على اجراء حفريات وهمت بأنها مدت اساسات وتوقفت عند ذلك... فلا يعتبر عملها هذا بمثابة مباشرة تنفيذ والا لتمكنت بهذه الاساليب او بالاساليب المماثلة من احباط مفعول الاسترداد ).
تعتبر أحكام القضاء مصدراَ تفسيراً بالنسسبة للاحكام التي يصدرها القضاء العادي، الا ان ذلك لايصدق تماماً على الاحكام التي تصدر عن القضاء الاداري، ذلك ان القانون الاداري يتصف بانه قانون حديث غير مقنن، وانما توجد تشريعات ادارية متفرقة، وهي في الغالب لا تتضمن مباديء عامة، وقد لا يجد القاضي الاداري في هذه التشريعات النص الذي ينطبق على النزاع المعروض عليه، وعندها يتولى بنفسه استنباط الحكم القانوني الواجب التطبيق على النزاع المعروض عليه دون ان يكون ملزماً بالمباديء القانونية المدنية اذا كانت لا تناسب العمل الاداري، ذلك انه ملزم قانونا بايجاد الحل المناسب للنزاع المعروض عليه والا عُد منكراً للعدالة، وفي مثل هذه الاحوال يلجأ القاضي الاداري الى استخلاص الاحكام من المباديء العامة التي تحكم النظام القانوني في الدولة والمبادئ التي اوردتها النصوص القانونية في فروع القانون الاخرى ما دامت ملائمة للعمل الاداري او يجري علها تحويراً بما يجعلها ملائمة للروابط الادارية، فان لم يجد في كل ذلك حلاً مناسباً للنزاع المعروض عليه وجب عليه ان يستوحي الحلول من قواعد القانون الطبيعي وقواعد العدالة.
وهكذا قامت النظرية العامة في القانون الاداري على القواعد التي استنبطها القضاء الاداري من خلال احكامه، وقد تولى مجلس الدولة الفرنسي تشييد معظم نظريات القانون الاداري، مثل نظرية المرفق العام ونظرية العقد الاداري ونظرية الضبط الاداري ونظرية التعسف في استعمال السلطة ونظرية الظروف الطارئة وغير ذلك.
وهكذا قيل بان القضاء الاداري لا يبتدع الحلول المناسبة للمنازعات التي تعرض عليه فقط، ولكنه ينشيء المباديء القانونية العامة التي تستنبط منها تلك الحلول ايضاً.
وتؤلف هذه الحلول قواعد ومباديء جديدة تضاف الى مصادر المشروعية الاخرى التي تلتزم بها الادارة في تصرفاتها،مما يعني ان مخالفتها تؤدي بالقرار الاداري الى الانحدار الى حالة عدم المشروعية.
وقد اعترف الشرع المصري بدور القضاء الاداري في خلق واستنباط قواعد القانون الاداري، حيث نص في المذكرة الايضاحية للقانون رقم 165 لسنة 1955 المتعلقة بتظيم مجلس الدولة المصري، على انه (... يتميز القضاء الاداري بانه ليس مجرد قضاء تطبيقي كالقضاء المدني، بل هو في الاغلب قضاء انشائي يبتدع الحلول المناسبة للروابط القانونية التي تنشأ بين الادارة في تسييرها للمرافق العامة وبين الافراد وهي روابط تختلف بطبيعتها عن روابط القانون الخاص )
وتتمتع الاحكام القضائية بما يعرف فقهاً بقوة الحقيقة القانونية، سواء في مواجهة اطراف النزاع او في مواجهة الكافة، ذلك ان قرار الحكم الذي اكتسب الدرجة القطعية يتمتع بحجية الشئ المقضى به، وتتضمن هذه الحجية معنيين، معنى شكلي يتمثل في ان قرار الحكم القضائي يتضمن الحقيقة القانونية ويترتب على ذلك ان موضوع النزاع المقضى فيه لا يمكن ان يكون محلا لاية دعوى مستقبلاً، ومعنى مادي يتعلق بتنفيذ قرار الحكم، فاذا لم ينفذ القرار من قبل من صدر في مواجهتهم اذعاناً للحكم، تتولى السلطة العامة تنفيذه بالقوة من اجل ايصال الشئ المقضى به الى المنتفعين من القرار.
وعليه اذا كانت الادارة طرفاً في النزاع فانها ملزمة بتنفيذ قرار الحكم، واذا لم تكن طرفاً في النزاع فانها لا تلتزم به الا اذا كان مما يحتج به على الكافة.
واستقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي على اعتبار مخالفة الشيء المقضي به، مخالفة للقانون، ورتب عليها نفس الاثر المترتب على مخالفة القوانين.
وتأكيداً لمبدأ الولاية العامة للقضاء جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم162 في 20/12/1994( تبقى قابلة للنقض امام المجلس قرارات الهيئات الادارية ذات الصفة القضائية حتى ولو كانت نهائية وغير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة.)
ولاشك ان في ذلك اقرار لمبدأ مهم للغاية، فعلى الرغم من نص القوانين الادارية على ان قرارات الادارة بشأن من الشؤون تعتبر نهائية وغير قابلة للطعن، فان القضاء اكد ولايته على الرغم هذه النصوص ويمكن ان نفسر هذا التوجه بان المجلس فسر النص القانوني على ان المقصود من النهائية وعدم جوازالطعن هو عدم جواز الطعن به امام الجهات الادارية وليس امام القضاء.
وبصدد الامتناع عن تطبيق احكام القضاء جاء في قراره رقم 167 في 14/12/1993انه ( وبما انه يستفاد مما تقدم ان اللجنة المذكورة بدل ان تذعن لقراري هذا المجلس بهذا الشأن اعادت الاوراق اليه مجددا، الامر الذي يخالف احكام المادة 120 من قانون مجلس شورى الدولة لجهة مخالفة قوة القضية المحكمة.وبما ان مخالفة القانون او القضية المحكمة هي من الاسباب التي تؤدي الى نقض القرار المطعون فيه وفاقا لاحكام المادة 119 معطوفة على المادة 108 من قانون مجلس شورى الدولة.وبما ان القرارين رقم 17 و18 المطعون فيهما يكونان مستوجبي النقض بما ذكر اعلاه. )
لاتضع العقود قواعد قانونية وإنما تضع أحكام فردية بين المتعاقدين فهي تنشىء حقوق شخصية وإلتزامات، ومخالفة العقود تعطي الحق لإطرافها فقط بإقامة الدعوى أمام قاضي العقد لا قاضي الالغاء.
والقضاء الاداري مستقر على عدم قبول دعوى الالغاء في التعاقد مع الادارة ضد إجراءاتها وتصرفاتها التي تخالف الالتزامات التعاقدية، وسبيل المتضرر الوحيد في هذا الشأن إقامة دعوى القضاء الكامل أمام قاضي العقد.
أما بالنسبة لغير المتعاقدين فقد قبل مجلس الدولة الفرنسي بعد فترة من التردد طعونهم في الاجراءات والتصرفات التي تتجاهل الشروط التنظيمية الواردة في عقد الامتياز، فقد يخل الملتزم بهذه الشروط فيتقدم المنتفعون من المرفق العام الذي يديره الملتزم الى الادارة طلباً لإجبار الملتزم على تنفيذ هذه الشروط وقد ترفض الادارة ذلك، وعندها يحق للمنتفعين الإستناد الى الشروط التنظيمية واللائحية ورفع دعوى الالغاء على قرار الادارة بالرفض.
وبصدد عقود الامتياز جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 130لسنة 1986( تفسير بنود الامتياز يخضع لقاضي العقد لا لارادة الادارة المنفردة – مبدأ تكييف المرفق العام يبرر توسيع نطاق الامتياز. وبما ان القاضي في هذا المضمار تحفزه روح العدالة، ويبعد بالتالي عن الشكليات الزائدة، فيعتمد التفسير، الذي يخدم المرفق العام دون الحاق الضرر بالمصالح الخاصة المحقة للمتعاقد مع الادارة. وبما انه ثابت ان الادارة قد وافقت على طلبات الشركة بامداد بعض الافراد والمرافق بالطاقة الكهربائية فيكون قد تحقق الشرط المنصوص عليه في المادة 3 من دفتر الشروط ويكون الامتياز قد شمل بالفعل الافراد والمصالح المشار اليها علماً انه ليس من حاجة كما يستفاد جلياً من احكام المادة 3 المذكورة ان تكون موافقة الادارة صريحة بل يمكن ان تكون ضمنية.
وبما ان الاشغال موضوع النزاع تشكل توسيع الامتياز اكثر من توقعات الفرقاء الاصلية ولكنها متناسبة مع هدفه الاساسي الا وهو المنفعة العامة ومع نية الفرقاء المشتركة اثناء التنفيذ، فيجب اعتبار هذه الاشغال داخلة ضمن الامتياز. وبما انه يقتضي بالتالي القول ان الامتياز يتضمن الانشاءات موضوع النزاع مع كل النتائج التي تنجم عن ذلك. وبما ان كل ما ادلي به خلافاً لما تقدم يكون مردوداً لعدم ارتكازه على اساس قانوني صحيح..)
تعني السلطة التقديرية في هذا المقام، ان يكون لرجل الادارة قدر من حرية التصرف في اختيار القرار الملائم لمقتضيات المصلحة العامة.
فالسلطة التقديرية منوطة باستهداف المصلحة العامة وليست امتيازاً شخصياً لرجل الادارة يمارسه اويمنعه حسب اهوائه الشخصية.
وترتبط السلطة التقديرية بالتنظيم القانوني والقواعد القانونية التي تنظم نشاط معين من الانشطة الادارية او الاجتماعية، وتختلف طبيعة السلطة التقديرية بحسب مضمون تلك القواعد، فقد تكون قواعد امرة بالنسبة لمختلف عناصر القرار الاداري فتكون سلطة رجل الادارة مقيدة بمحل محدد قانونا، فلا تتوفر له امكانية الاختيار بين عدة حلول.
وعلى خلاف ذلك يتمتع رجل الادارة بسلطة تقديرية تتصل بمحل القرار الاداري الذي يختص بإصداره كلما كانت قاعدة القانون قد تركت له حرية الاختيار بين عدة حلول كلها في ميزان الشرعية سواء. فيستطيع بذلك ان يحدد بحرية محل القرار الاداري الذي منحه القانون حق إصداره.
بعبارة أخرى إن السلطة التقديرية تتجسد في قدرة الادارة على الاختيار بين محلين أو أكثر.
أما الاختصاص المقيد فيبدو في عدم قدرة الادارة على الاختيار، لإنها لاتستطيع أن تختار إلا إجراءاً معينا هو الذي ينطبق مع النص القانوني الذي قرره وإذا لم تلتزم الادارة هذا التطابق في قرارها، كان قرارها مشوبا بعيب مخالفة القانون.
الا انه لاينبغي النظر للسلطة التقديرية على انها تصنف دائماً الى هاتين الطائفتين مطلقاً، بمعنى ان تكون السلطة تقديرية بالكامل او مقيدة بالكامل، حيث توجد طائفة ثالثة تتضمن الغالبية من القرارات الادارية، هي طائفة من الصلاحيات الممنوحة لرجل الادارة التي تكون في جزء منها تقديرية وفي جزئها الاخر مقيدة، ففي اطار العقوبات الادارية مثلا، عادة ما يخول المشرع الرئيس الاداري اختيار احد عقوبتين او ثلاث نص عليها في القانون، ويكون للرئيس الاداري في مثل هذه الاحوال اختيار احدى هذه العقوبات لفرضها بحق الموظف وفقاً لسلطته التقديرية لجسامة الذنب الاداري، ولكن سلطته مقيدة باختيار احداها دون ان يتجاوزها الى عقوبات اخرى لم يشر اليها النص.
وينبغي ان نلاحظ،ان السلطة التقديرية للموظف لا تتعلق بعنصري الاختصاص والشكل لانهما يتعلقان بكيفية ممارسة السلطة ويدخلان في اطار النظام العام، اما عناصر القرار الاداري الاخرى وهي المحل والسبب والغرض او الغاية، فهي تشكل جوهر السلطة الادارية وقوامها وهي التي يمكن ان تكون محلاً للسلطة التقديرية.
وجاء في قرار لمجلس شورى الدولة اللبناني برقم 130لسنة 1994 ان ( السلطة الاستنسابية لا تمارس بصورة كيفية وترقية الضباط بمفعول رجعي تنفيذاً لقانون استثنائي يجب ان تتم مع احترام مبدأ المساواة والاحالة على التقاعد قبل صدور مرسوم الترقية ليست سبباً كافياً للاخلال بمبدأ المساواة. )
وجاء في قراره رقم 134 في 29/11/1993انه ( اعطاء الترخيص بالبناء هو اختصاص مقيد، ووضع المنطقة قيد الدرس وفق قانون التنظيم المدني، كما اقامة دعوى امام القضاء لا يبرران رفض اعطاء الترخيص بالبناء.)
وبصدد مدى ملائمة القرار الاداري للوقائع القانونية او المادية جاء في قراره رقم 137 لسنة 1987 ( سلطة الادارة في انشاء البلدية أو الغائها استنسابية ورقابة القضاء تقتصر على التثبت من مادية الوقائع دون تقديرها الا في الخطأ الساطع. وبما ان الوقائع التي استند اليها القرار المطعون فيه مثبتة بتقارير رسمية صادرة عن الجهات المعنية ولا مجال لعدم الأخذ بها. وبما أن القرار المذكور، في ضوء مستندات القضية ووقائعها، غير مشوب باي خطأ بارز وهو منسجم ومتناسب قانونا مع الوقائع التي استند اليها. وبما أن حصول وقائع جديدة بعد صدور القرار المطعون فيه لا يؤثر في صحته بتاريخ صدوره باعتبار أن أسباب الابطال لتجاوز حد السلطة التي يمكن التذرع بها أمام مجلس شورى الدولة لإبطال عمل اداري معين انما هي الأسباب التي تكون متوفرة بتاريخ اتخاذ القرار المشكو منه. وبما ان القرار المطعون فيه، يكون والحال هذه، واقعا في محله وتكون المراجعة الحالية بالتالي مستوجب الرد، لذلك )

تعتبر القرارات الادارية من التصرفات القانونية الحيوية التي تعبر عن سياسات الدولة العامة ونظامها القانوني والاقتصادي والاجتماعي وكل مايتعلق بالحاجات العامة واسلوب تنفيذ ذلك ، والقرار الاداري باعتباره تعبير عن ارادة السلطات العامة هو محتوى وجوهر العملية الادارية ، لأن مفهوم القيادة الادارية الحديثة لايعدو عن كونه صلاحية اتخاذ القرارات المؤثرة والفاعلة تبعا لمدى الصلاحيات التي خولها اياها المشرع من حيث سلطة التقدير او التقييد،اذ تعكس القرارات الادارية مدى فعالية الادارة وكفاءتها وقدرتها على تحويل التشريعات وخاصة الاصلاحية منها الى واقع عملي ذو اثر ايجابي ملموس على حياة الناس ومستوى الرفاه الاجتماعي، وعلى خلاف ذلك فان الادارة الضعيفة غير الكفؤة تؤثر سلبا على حياة الناس ، وكم من التشريعات الاصلاحية العظيمة افرغت من محتواها الانساني الاجتماعي بسبب ضعف الادارة او فسادها ، ويرى بعض فقهاء القانون ان القرار الاداري اضحى مصدرا من مصادر الحق لقدرته على انشاء الحقوق العينية والشخصية ، تعبيرا عن اهمية القرار الاداري في الحياة المعاصرة. 
 فارس حامد عبد الكريم
ماجستير قانون / بغداد
يتبع.....
والقرار الاداري يخضع لمبدأ المشروعية ، بمعنى وجوب ان تتم جميع تصرفات السلطات العامة في اطار القواعد الدستورية والقانونية والاكان التصرف معيبا وباطلا يستوي في ذلك ان يكون التصرف ايجابيا كالقيام بعمل اوسلبيا كالامتناع عن عمل يوجبه القانون ، وعدم مشروعية القرار قد ترتب المسؤولية الجنائية في حالات معينة.
والاصل ان تتمتع القرارات الادارية بقرينة المشروعية ، بمعنى انه يفترض فيها انها قد صدرت صحيحة ومشروعة ، الا انها قرينة بسيطة تقبل اثبات العكس ، اذ بأمكان صاحب المصلحة في الطعن بالقرار الاداري ان يقيم الدليل على ان القرار الاداري مشوب بعيب من عيوب عدم المشروعية.
وتنقسم القرارات الادارية من حيث مداها وعموميتها الى نوعين من القرارات, قرارات فردية وقرارات تنظيمية ، والقرار الفردي هو القرار الذي يتعلق بفرد او مجموعة من الافراد محددين بذواتهم ومثاله تعيين موظف او نقله او القرار بقبول الطلبة في الجامعات. اما القرارات التنظيمية وتسمى في العراق بالانظمة والتعليمات وفي مصر باللوائح فهي تلك القرارت الصادرة من السلطة التنفيذية والتي تتضمن قواعد عامة مجردة ملزمة تخاطب الافراد بصفاتهم لابذواتهم وغير محددين سلفا وهي بهذه الحال تشبه القوانين من حيث الخصائص وتصدرحسب الاصل بناءا على قانون صادر من السلطة التشريعية لتسهيل تنفيذه ومن امثلتها انظمة الوزارات والجامعات وتعليمات رخص القيادة وحيازة الاسلحة وغيرها. وكلا نوعي القرارات الادارية يمكن ان تصدر معيبة فتكون محلا للطعن امام القضاء.
ويقصد بعيوب القرار الاداري ، أو حالات إلغائه ، حالات عدم المشروعية التي تصيب القرار الإداري والتي يمكن أن تؤدي الى الغائه عن طريق دعوى الإلغاء.
ولما كانت عناصر القرار الاداري هي الاختصاص والشكل والسبب والمحل والغرض او الغاية ،فإن اشكال عدم المشروعية التي تعيب القرار الاداري هي :-
1ـ عدم المشروعية التي تتعلق بالجهة التي تصدر القرار ( عدم الاختصاص).
2ـ عدم المشروعية التي تتعلق بالاشكال والاجراءات (عيب الشكل ).
3ـ عدم المشروعية التي تتعلق باسباب القرار.
4ـ عدم المشروعية التي تتعلق بمحل القرار. ( عيب مخالفة القانون).
5ـ عدم المشروعية التي تتعلق بالغرض(عيب الانحراف بالسلطة).
وكلما افتقد القرار الشروط القانونية اللازمة لاصداره بالنسبة لكل عنصر من عناصره فأن ذلك يعد سبباً كافياً لطلب الالغاء امام القضاء.وينص قانون مجلس الدولة المصري رقم (47) لسنة 1972 ، على انه)... ويشترط في طلبات الغاء القرار الاداري النهائية ان يكون مرجع الطعن عدم الاختصاص او عيباً في الشكل او مخالفة القوانين او الانظمة والتعليمات او خطأ في تطبيقها او الاساءة في استعمال السلطة( ويذهب جانب من الفقه المصري الى ان هذا النص يحدد اوجه الالغاء بالاوجه التالية:-
 1- عيب الاختصاص. 2- عيب الشكل. 3- مخالفة القانون. 4- اساءة استعمال السلطة.
وفي العراق تنص ( م- 7 /2/هـ ) قانون مجلس شورى الدولة المعدل رقم 65 لسنة 1979 على ما يأتي :- " يعتبر من اسباب الطعن بوجه خاص ما يأتي " :-
اولا : ان يتضمن الامر او القرار خرقاً او مخالفة للقانون او الانظمة او التعليمات.
ثانيا : ان يكون الامر او القرار قد صدر خلافاً لقواعد الاختصاص او معيباً في شكله.
ثالثا : ان يتضمن القرار خطأ في تطبيق القوانين او الانظمة او التعليمات او في تفسيرها او فيه اساءة او تعسف في استعمال السلطة".
 وفي تطور قانوني مهم نص المشرع الدستوري في دستور العراق لسنة 2005 في المادة (100) منه على انه
 (يحظر النص في القوانين على تحصين اي عمل أو قرار اداري من الطعن.) ، وهذا يعني الغاء جميع الاستثناءات الواردة على ولاية القضاء الاداري سواء وردت في قانون مجلس شورى الدولة او التي كانت تزخر بها القوانين العراقية والتي قيدت نطاق الطعن الى ابعد الحدود حتى اصبح الاصل هو عدم جواز الطعن والاستثناء جوازه ، مما يعني ان الطعن بالقرار الاداري اصبح امر متاحا وممكنا ايا كانت جهة اصدراه ومهما علت مرتبة مصدره في الدولة.
خصائص دعوى الالغاء:- دعوى الالغاء دعوى قضائية بكل معنى الكلمة وهي من حيث نشأتها وتطورها من خلق القضاء ، كما ان لهذه الدعوى صفة عامة ، اي انها دعوى القانون العام يمكن ان توجه ضد اي قرار اداري دون حاجة الى نص خاص ، واذا نص القانون على ان قراراً ادارياً لا تسمح الدعوى بشأنه فأن ذلك لا يشمل دعوى الالغاء ما لم تستبعد بشكل صريح.
واساس قيام دعوى الالغاء هو فكرة عدم المشروعية والتي تظهر عند مخالفة الادارة لقاعدة قانونية وتوجه نحو القرار الاداري المخالف للقانون بقصد الغائه.
وتعد دعوى الالغاء من النظام العام ، اي انها قائمة دون حاجة لنص يقررها اذ يمكن رفعها ضد اي قرار اداري معيب ، وللقاضي ان يثيرها من تلقاء نفسه ولو رفعت الدعوى بشأن عيب اخر ، كما انه لا يقبل من احد ان يتنازل مقدماً عن حقه في استخدام هذه الدعاوي وكل تنازل من هذا القبيل يعتبر باطلاً.
كما انها دعوى موضوعية ( عينية ) ،اي انها دعوى القضاء الموضوعي ، بمعنى ان هذه الدعوى لا يراد بها اساسا الاعتراف بحق شخصي وحمايته ، وانما تهدف الى حماية قواعد قانونية وتعمل على ازالة مخالفتها حتى لو حققت لاصحاب الشأن حماية مراكزهم القانونية ومصالحهم الذاتية ، فالهدف الرئيس لدعوى الالغاء هو حماية النظام القانوني ومبدأ المشروعية.
 وتعرف دعوى الالغاء بأنها : هي تلك الدعوى التي يستطيع كل فرد صاحب مصلحة ان يلتجأ اليها ليطلب من القضاء الاداري الغاء قرار اداري تنفيذي استناداً الى عدم مشروعيته.
1ـ الالغاء الاداري : ينبغي التمييز في هذا المجال بين القرارات التنظيمية (الانظمة ،التعليمات ، اللوائح ) والقرارات الفردية ، فللادارة الحق في تعديل او الغاء قراراتها الادارية التنظيمة في اي وقت تراه مناسبا لذلك لأن هذه القرارات انما تنشأ مراكز تنظيمية عامة وتتضمن قواعد عامة مجردة كما هو حال التشريعات.
اما القرارات الفردية ، كقاعدة عامة فلايجوز الغاؤها وقد ترتب عليها اكساب الشخص حقا شخصيا او مركزا خاصا ، الا خلال ستين يوما من تاريخ صدورها وهي المدة المحدد للطعن امام القضاء الاداري،اذ انها بعد مرور هذه الفترة تتحصن ضد الالغاء القضائي فمن باب اولى ان تتحصن ضد الالغاء الاداري ، اما اذا لم يولد القرار حقا خاصا كالقرارات الولائية او الوقتية كقرارات ندب الموظفين ومنح الرخص المؤقتة فان امر الغائها جائز في اي وقت لانها لاترتب حقوقا مكتسبة. واذا كان من المسلم به فقها وقضاءا انه لايجوز الرجوع في القرار الاداري الا ان ذلك لايعني خلود هذا القرار بل ان اثار القرار تنتهي من خلال القرار المضاد وفقا للشروط التي ينص عليها القانون ، فقرار تعيين موظف في وظيفة معينة لايتأثر بعد ذلك بتغير الشروط القانونية لشغل هذه الوظيفة حتى لو فقد الموظف بعد تعيينه بعض شروط الوظيفة التي شغلها ، الا ان الادارة تستطيع ان تنهي اثار قرار تعيين هذا الموظف من خلال القرار المضاد ، مثلا باحالته على التقاعد او فصله او عزله وفقا للقانون.
2ـ الالغاء القضائي : يقصد هنا بألغاء القرار انهاء اثار القرار القانونية بالنسبة للمستقبل وبأثر رجعي. والاثر الرجعي اثر من اثار الحكم بالبطلان وفي هذا يقول فقهاء القانون ( ينبغي ان لايضار التقاضي بسبب بطء التقاضي ) مما يقتضي اعادة الحال الى ماكانت عليه ، وهو محل بحثنا هذا.
عدم رجعية القرارات الادارية : الاصل ان القرارات الادارية ايا كان نوعها يجب ان تطبق بأثر مباشر ولاتتضمن اثرا رجعيا. وسبب عدم جواز الرجعية يعود لاعتبارات قانونية ومنطقية ، منها :
أ ـ نص الدستور والقوانين النافذة على انه ليس للقوانين اثر رجعي ويترتب على ذلك ان ليس للقرارات الادارية اثر رجعي لانها اداة تنفيذ تلك القوانين وهي ادنى منها درجة في سلم التدرج القانوني فلا يمكن ان يكون لها ماليس للقوانين.
فالقاعدة العامة ان القرارات الادارية بكل انواعها يجب ان تطبق بشكل مباشر ولاتتضمن اثرا رجعيا لأنه لايجوز المساس بالحقوق المكتسبة الابقانون يتضمن الاثر الرجعي ، اي في حالة نص القانون على الاثر الرجعي لنفاذه وفقا للضوابط الدستورية وجاءت القرارات الادارية تنفيذا لمقتضاه ،
ب ـ ان هذا ماتقتضيه العدالة الطبيعية ومبدأ استقرار المعاملات والصالح العام اذ ليس من العدل اهدار الحقوق ولايتفق والمصلحة العامة ان يفقد الناس الثقة والاطمئنان على استقرار حقوقهم مما يقتضي ان يكون التنظيم للمستقبل مع ترك الاثار التي تمت في الماضي على ما هي عليه. وهذا خلاف الالغاء القضائي الذي يكون بأثر رجعي نتيجة الحكم ببطلان القرارالاداري لمخالفته للقانون فيزال كل اثر له وفي هذا يقول فقهاء القانون ( ان التقاضي لايمكن ان يضار بسبب بطء التقاضي ) ، يتضح ان الاصل الام هو عدم جواز الاثر الرجعي للقرار الاداري الا انه يرد على هذا الاصل استثناءات محدودة منها جواز الاثر الرجعي بنص تشريعي او تنفيذا لحكم قضائي بالالغاء ويرى بعض الفقهاء جواز رجعية القرارات الادارية التنظيمية اذا تضمنت احكاما اصلح للافراد حتى لو لم تتعلق بعقوبة معينة.
نظمت دساتير الدولة القانونية الحديثة وتشريعاتها السلطات والاختصاصات داخل الدولة واوكلت ممارستها الى مؤسسات متنوعة ، وتتوزع هذه السلطات والاختصاصات بموجب القوانين والانظمة ايضا داخل هذه المؤسسات على مجموعة من الموظفين يعرفون بمتخذي القرارات او صانعي القرارات داخل المؤسسة وهم المخولين بالتعبير عن ارادة الهيئة الرسمية التي يعملون فيها ، ولايجوز لغيرهم التعبير عن هذه الارادة ، ويتأسس معيار توزيع سلطة الدولة على الاختصاصات المقررة للوظيفة العامة التي يشغلها العضو الاداري بحيث يكون لكل موظف ولاية اصدارها في حدود اختصاصه من حيث الموضوع والزمان والمكان ، وعليه فان الإختصاص في القرار الإداري ، هو الصلاحية القانونية لفرد او عضو او لهيئة في التنظيم الاداري لاحداث آثار قانونية معينة بإسم شخص اداري عام.
ويعتبر عنصر الاختصاص من اهم عناصر القرار الاداري ويترتب على عدم مراعاته بطلان القرار ومن ثم الغائه.
 وهذا يعني وجوب صدور القرار الاداري عن عضو اداري وان تكون له صلاحية التعبير عن ارادة الدولة او اي شخص اداري آخر. ولايتحقق الوجود القانوني للعضو الاداري الا بوجود سند قانوني بتعينه سواء كان هذا السند قراراً اداريا او عقداً ادارياً اذا كان هذا العضو فرداً ، وبالقرار الصادر بتشكيله اذا كان هيئة او لجنة او مجلس. وفي حالة عدم وجود هذا السند القانوني فأن الشخص الطبيعي لا يمكن ان يعبر عن ارادة الدولة والا اعتبر مغتصباً او منتحلاً ومن ثم تكون قراراته من الناحية القانونية لا اثر لها او منعدمة.
ومصادر قواعد الاختصاص تستمد من الدستور ومختلف القوانين و الانظمة والتعليمات فضلا عن ان القضاء قد استخلص قواعد الاختصاص على اساس من المباديء العامة للقانون غير المكتوبة من ذلك قاعدة توازي الاختصاصات وهي قاعدة غير مكتوبة اعترف بها القضاء ومقتضاها : انه اذا وجد نص يحدد لهيئة ادارية معينة اختصاص باصدار قرار معين ثم سكت عن بيان الجهة التي تملك تعديله او الغاءه فأن هذا الاختصاص يكون لنفس الهيئة التي تملك اصدار القرار. ومن ذلك ما ذهب اليه القضاء المصري من انه اذا نظم المشرع اختصاصاً بعينه ولم يعهد به الى ادارة معينة او بيان الموظف المنوط حق استعماله فيكون ذلك للموظف الذي يتفق هذا الاختصاص وواجبات وظيفته.
قواعد الاختصاص من النظام العام : قواعد الاختصاص ملزمة للادارة بشكل خاص وتبدو هذه الخاصية من اعتبارها من قبيل النظام العام ويترتب على ذلك مايلي :
1ـ يمكن اثارة الدفع بهذا العيب امام القضاء في اي مرحلة من مراحل نظر الدعوى ولايحتج على المدعي في هذا المقام بأنه قدم طلبات جديدة.
2ـ يجب على القاضي ان يثيره من تلقاء نفسه اذا مابدى له اثناء نظر الدعوى ولو لم يثره صاحب الشأن.
3ـ لا يمكن للادارة ان تتفق مع الافراد على تعديل قواعد الاختصاص ، لان قواعد الاختصاص لم تقرر لصالح الادارة بل للصالح العام.
4ـ عدم التوسع في تفسيرقواعد الاختصاص ولابد ان تفسر على نحو من التفسير الضيق ، لان التوسع في التفسير يؤدي الى خلق اختصاصات جديدة للادارة.
5ـ كما ان عدم المشروعية الناتجة عن اتخاذ القرار من هيئة غير مختصة لا يمكن ان تصحح بتصديق لاحق من الجهة المختصة ، فالبطلان لايزول نتيجة الاجازة او التصحيح اللاحق ، الا في حالة الظرورة والظروف الاستثنائية وبصدد ذلك قضت محكمة القضاء الاداري في مصر بأن القرار المطعون فيه ( قد صدر من غير الجهة المختصة بأصداره قانونا ،ولايغير من هذا الوضع احاطة مدير المصلحة به او اعتماده له لان القرار الباطل بسبب عدم الاختصاص لايصحح بالاعتماد فيما بعد من صاحب الشأن فيه ، بل يجب ان يصدر منه انشائيا بمقتضى سلطته المخولة له ).
ويعرف مجلس الدولة المصري عيب الاختصاص بقوله " ان عيب الاختصاص في دعوى الالغاء هو عدم القدرة على مباشرة عمل قانوني معين جعله المشرع من سلطة او هيئة او فرد اخر". ولعيب الاختصاص صورتين :
الصورة الاولى:-اغتصاب السلطة " العيوب الجسيمة".
وذلك عندما يكون العيب جسيماً وفي هذه الحالة لا يعتبر القرار مجرد قرار غير مشروع وأنما يعتبر قراراً منعدماً اي انه قرار باطل ، ويمكن لصاحب العلاقة بل عليه عدم اطاعته او الالتزام به بل له ان يقاوم تنفيذه، والادارة من جانبها وهي تحاول تنفيذه تنفيذا مباشرا انما ترتكب بذلك اعتداءاً مادياً ، كما ان هذا القرار لانعدامه ليس بحاجة حسب الاصل ان يكون موضوعاً لدعوى امام القضاء لأعلان انعدامه ، لانه مجرد واقعة مادية ولكن الاوضاع العملية و الواقعية قد تجعل من هذا القرار مع انعدامه عقبة مادية في سبيل ذوى العلاقة لاقتضاء حقوقهم او الوصول اليها لذلك جاز ان يكون محل تظلم او دعوى لإعلان انعدامه ومن دون الالتزام بموعد معين ، ومن ثم جاز للادارة سحب قرارها المنعدم بأي وقت وكذلك جاز للقضاء ان يقبل دعوى الالغاء دون ان يلتزم بشرط الميعاد.
 وعندما يكون القرار منعدماً جاز للقضاء العادي النظر بهذه القرارات ايضاً ولوكان في الدولة قضاء اداري لانه لايعدو عن كونه واقعة مادية.
ويطلق اصطلاح اغتصاب السلطة على عيب الاختصاص حينما يكون جسيماً غير ان الفقه لم يتفق على العيوب التي تعتبر من قبيل العيوب الجسيمة ،
وجاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 13/98ـ99 في 7/10/1998 ان ( قرار اعلان اول الخاسرين فائزا بعد اقالة احد الاعضاء يعتبر عديم الوجود لانه يشكل اغتصابا للسلطة التي تعود للشعب وحده) وجاء في حيثيات القرار ( ان القرار المطعون فيه صادر عن سلطة غير صالحة بصورة جلية وهو بالتالي عديم الوجود ويعتبر والحال هذه كأنه لم يكن ويمكن الطعن فيه خارج المهلة القانونية فتكون المراجعة مقبولة شكلا)
غير ان اغلب اراء فقهاء القانون الاداري واحكام القضاء المستقرة ذهبت الى ان حالات اغتصاب السلطة التي تؤدي للانعدام في حالات معينة هي ما يلي:-
اولا- صدور القرار من فرد عادي او بعبارة اخرى من مغتصب وذلك لان الوجود القانوني لاي موظف او مكلف بخدمة عامة يرجع الى صدور قرار بتعينه او بتكليفه وهذا القرار هو الذي يسبغ على شخص ما صفة العضو الاداري او الهيئة التابع للدولة او اي شخص اداري اخر وفي حالة عدم وجود هذا القرار او عدو وجود سند قانوني فان الشخص الطبيعي لا يمكن ان يعبر عن ارادة الدولة واذا فعل يعد مغتصباً ومن ثم تكون قراراته منعدمة ولا اثر لها الا اذا كان مما يصدق عليه وصف الموظف الفعلي ومن ثم يمكن تصحيح النتائج تلك.
والموظف الفعلي او الواقعي في الظروف العادية هو ذلك الشخص غير المختص الذي لم يقلد الوظيفة العامة اصلا اوكان قرار تقليده للوظيفة العامة معيباً من الناحية القانونية او كان موظفا وزالت عنه صفته الوظيفية لاي سبب كان ، والموظف الفعلي في الظروف الاستثنائية هو من يباشر الوظيفة العامة تحت الحاح ظروف استثنائية ودوافع سياسية او اجتماعية او بدافع المصلحة الوطنية وعدم توقف المرافق العامة الحيوية وخاصة في اوقات الحروب وغياب السلطات العامة او انحسارها ، والاصل اعتبار قراراته التي يتخذها منعدمة وباطلة قانونا لانها صادرة من غير مختص الا ان الفقه والقضاء ولاعتبارات تتعلق باستقرار المراكز القانونية وضرورة سير المرافق العامة بصفة منتظمة اعترف بصحة هذه القرارات ضمن شروط معينة وتتخلص هذه الشروط في قيام فكرة الظاهر بأن تكون عملية تقلد هذا الشخص للوظيفة متسمة بمظهر المعقولية معنى ذلك ان من يتولى وظيفة معينة على اساس من عمل منعدم وهو القرار المتسم بالمخالفة الجسيمة و الصارخة لا يمكن ان يكون موظفاً فعلياً ومن ثم تكون قراراته منعدمة.
 وقد طبق هذا المبدأ فعلاً في المانيا فيما يتعلق بالقرارات التي اتخذها مجلس الموفدين ومجالس العمال سنة 1918 في نهاية الحرب العالمية الاولى وقد قرر القضاء فيما بعد ان هذه المجالس كانت قد تصرفت بهدف حماية النظام العام والصالح العام وعلى ذلك فأن قراراتها تعتبر صحيحة ومنتجة لاثارها وتسأل الدولة عنها مدنياً.
وذهب القضاء الاداري الفرنسي الى تبني هذه المباديء نفسها حينما قضى بأن المجلس البلدي وقد تولى تطوعاً ادارة المرافق العامة فأن قراراته بهذا الشأن تكون صادرة من سلطة فعلية ومن ثم يصدق عليها وصف القرارات الادارية المنتجة لاثارها ونفس هذا الحكم يصدق بالنسبة للقرارات والتصرفات الصادرة من لجان التحري التي ظهرت عقب الانزال الذي قام به الحلفاء في فرنسا سنة 1944.
ثانيا - صدور القرار ممن تتوفر فيه صفة الموظف العام لكنه لا يملك سلطة اصدار قرارات ادارية اطلاقاً.
كان يصدر القرار من مستخدمين مناطة بهم امور كتابية او يدوية او صدور القرار من هيئات او مجالس استشارية ، من ذلك حكم مجلس الدولة الفرنسي بإعتبار القرار من مدير مكتب الوزير برفض تقرير راتب تقاعدي قراراً منعدماً لصدوره من لا يملك سلطة اصدار قرارات ادارية.
ثالثا- صدور القرار من جهة ادارية في نطاق الوظيفة الادارية بصورة عامة ولكنه يتضمن اعتداء على اختصاص جهة ادارية اخرى لا تمت بصلة للجهة مصدرة القرار.
كان يصدر قرار من وزير يختص به بشكل واضح وزير اخر دون غيره.
ولكن يلاحظ ان القضاء الاداري المصري قد توسع في تطبيقه لهذه الحالة حتى انتهى احياناً لادخال حالات عدم الاختصاص البسيط ضمن حالات اغتصاب السلطة من ذلك القرار الصادر نتيجة تفويض باطل حيث قضت محكمة القضاء الاداري المصري في حكمها الصادر في 5/1/1954 بأن ( المرسوم بقانون رقم 24لسنة 1931 اعطى اختصاصات معينة لمدير عام مصلحة السكةالحديد بالنسبة لطائفة من موظفيها ، ولايجوز قانونا التفويض في هذا الاختصاص بل يتعين ان يباشر الاختصاص من عينه القانون بالذات ، من ثم فيكون القرار المطعون فيه الصادر من سكرتير عام مصلحة السكك الحديد بفصل المدعي ينطوي على نوع من اغتصاب السلطة فهو قرار معدوم لا اثر له ) وهذه القرارات في الحقيقة معيبة بعيب اختصاص بسيط لان هؤلاء يملكون ايضاً سلطة اتخاذ قرار فهو معيب وليس منعدم.
رابعا- صدور القرارمن جهة ادارية متضمنأ اعتداء على اختصاص السلطة التشريعية او السلطة القضائية:
نصت المادة (61) من دستور العراق لسنة 2005 (يختص مجلس النواب بما يأتي : اولاً : تشريع القوانين الاتحادية.)وبموجب النص فان مجلس النواب هو الجهة المختصة بتشريع القوانين ، فان مارست السلطة التنفيذية تشريع القوانين فان تصرفها هذا يكون مشيبا بعيب عدم الاختصاص الجسيم.
كان تقوم الادارة بفرض ضريبة بنظام او تعليمات لم يكن قد قررها قانون ، باعتبار ان المبدأ العام في هذا المقام ان لاضريبة ولارسم الابقانون حسب ماجاء في المادة (28) من دستور العراق لسنة2005( اولاً: لاتفرض الضرائب والرسوم ولاتعدل ولاتجبى، ولايعفى منها، إلا بقانون. ) وكذلك انشاء شخص معنوي عام ، كوزارة او مؤسسة ، بنظام او تعليمات من دون ان يكون هناك نص قانوني يجيز ذلك. لان السلطة التنفيذية تكون قد حلت نفسها محل السلطة التشريعية في مثل هذه الاحوال المتقدمة.
او ان تتولى الادارة اصدار قرارات قضائية او احكام قضائية هي من اختصاص القضاء بموجب الدستور والقانون ولو تحت ستار قرارات ادارية ، ويحدث هذا الفرض غالبا في النزاعات الحاصلة بين الادارة ومنتسبيها ، حيث نصت المادة (88) من دستور العراق لسنة 2005 على انه ( القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولايجوز لاية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة.).
ويذهب مجلس الدولة الفرنسي الى اعتبار مثل هذه القرارات من قبيل القرارات المنعدمة من ذلك مثلاً حكمه بإنعدام قرار مدير الاقليم بابطال عملية انتخاب مجلس مدينة من المدن التابعة للاقليم لان المدير تدخل في موضوع من اختصاص القضاء الاداري لذلك يعتبر قراراًَ باطلاً ولا اثر له.
اما القضاء الاداري المصري فقد كان ولا يزال يقرر في احكامه باعتبار اعتداء الادارة في قراراتها على اختصاص السلطة التشريعية او القضائية من قبيل اغتصاب السلطة الذي يؤدي بهذه القرارات للانعدام فقد جاء في احد احكامه (ان العمل الاداري لا يفقد صفة الادارية ولا يكون معدوماً الا اذا كان مشوباً بمخالفة جسيمة ومن صورها ان يصدر القرار من فرد عادي او من سلطة في شأن اختصاص سلطة اخرى كأن تتولى السلطة التنفيذية عملاً من اعمال السلطة القضائية او السلطة التشريعية) ومن ذلك حكمها ايضاً ( ان تدخل الادارة في العلاقة بين المالك والمستأجر يجعل قرارها معدوماً).
ومن ذلك حكم مجلس الدولة المصري " ان القرار التأديبي الذي استندت عليه الوزارة في طعنها فيما قضي به من رد المبالغ التي استولى عليها المطعون ضده من اعانة غلاء المعيشة دون وجه حق لم يستحث عقوبة فحسب وانما تعداها الفصل في منازعة لا يملك الفصل فيها فأغتصب بذلك سلطة القضاء واصبح قراره بهذا الشأن منعدماً " لا اثر له" كذلك الحكم اذ نص القانون على تشكيل لجنة ما على وجه معين فأنه لا يصح تعديل هذا التشكيل الا من يملكه قانوناً وهو المشرع اما السلطة القائمة على تنفيذ القانون فلا تملك اصلاً تعديل التشكيل فأن فعلت كان من قبيل اغتصاب السلطة فيبطل بطلاناً اصلياً.
في مثل هذه الحالات المتقدمة يعتبر القرار الذي يصدر منعدما ، لانه يفقد مقومات القرار الاداري ولذا فأنه يعد عديم الاثر قانونا ولايتمتع بالحصانة المقررة للقرارات الادارية مما يعني جواز سحبه دون التقيد بالمدد القانونية للطعن كما يمكن رفع دعوى الالغاء دون التقيد بهذه المدة ايضا.
الصورة الثانية – عيب الاختصاص العادي " البسيط":-
اذا لم يكن العيب جسيما في موضوع الاختصاص كما تقدم يتحقق عيب الاختصاص البسيط الذي يؤدي الى بطلان القرار والحكم بالغائه شريطة ان يتم ذلك خلال المدد المحددة للطعن بالقرار الاداري ، وهذه الحالات تتمثل في عيب الاختصاص من حيث الموضوع ومن حيث الزمان ومن حيث المكان.
اولا - عيب الاختصاص الموضوعي:-
ويقصد به ان تصدر جهة ادارية قرارها في موضوع لاتملك قانونا اصدار القرار بشأنه لانه يدخل في اختصاص جهة ادارية اخرى. ويتحقق ذلك عندما يكون الاثر القانوني الذي يترتب على القرار مما لايختص مصدر القرار بترتيبه قانونا.
ويفترض في هذا المقام مشروعية محل القرار وان من الممكن احداثه قانونا ولكن بقرار يصدر من الجهة المختصة ، وعليه اذا كان محل القرار غير مشروع ولايجوز احداثه من اية سلطة ادارية كانت , فأن القرار لايكون مشوبا بعيب عدم الاختصاص الموضوعي وانما يكون مشوبا بعيب المحل.
ذلك ان قواعد الاختصاص تحدد مقدماً الموضوعات التي تدخل في مجال نشاط جهة ادارية معينة ومن ثم عليها ان تلتزم فيما تصدر من قرارات حدود هذه الموضوعات دون ان تعتدي على ما اختص به القانون جهة ادارية اخرى فان فعلت فان قرارها يكون معيباً بعدم الاختصاص من الناحية الموضوعية وهذا هو عيب عدم الاختصاص الايجابي وهناك عدم الاختصاص السلبي وصورته ان تمتنع سلطة ادارية عن مزاولة اختصاصاتها لاعتقادها خطأً انها لا تملك هذا الاختصاص، ويتحقق عيب الاختصاص الموضوعي في عدة اشكال وهي كما يلي:-
أ – اعتداء جهة ادارية على اختصاص جهة ادارية موازية.
 كان يعتدي وزير على اختصاص وزير اخر وقد بينا ان هذه الحالة قد تؤدي الى عيب اغتصاب السلطة التي تؤدي للقرار بالانعدام ولكن عيب الاختصاص البسيط هو الذي يتحقق عندما يكون هناك غموض وتداخل في الاختصاصات.
كأن يصدر وزير قرار بترقية موظف اصبح تابعاً لوزارة اخرى بسبب الغموض الذي رافق نقل الموظف.
ب- اعتداء جهة ادارية دنيا على اختصاص جهة اعلى منها : اي ان تباشر جهة ادارية الاختصاصات التي اوكلها المشرع لجهةادارية اعلى منها في سلم التدرج الوظيفي.
كان يصدر وكيل الوزارة قرار من اختصاص الوزير اوان يصدر الوزير قراراً لا يمكن اتخاذه الا من قبل مجلس الوزراء. وكذلك القرارات الصادرة من سلطة ادارية عليا لا يمكن ولا يجوز لسلطة ادنى منها ان تغيرها او تعدلها الا بتفويض من سلطة عليا. حيث نصت الفقرة (ثالثا) من المادة (80)على انه (يمارس مجلس الوزراء الصلاحيات الاتية. ثالثا: اصدار الانظمة والتعليمات والقرارات بهدف تنفيذ القوانين.)
وقد نص الدستور العراقي على اختصاصات السلطة التنفيذية ، حيث نصت المادة (67)على انه ( رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يمثل سيادة البلاد، و يسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة اراضيه، وفقاً لاحكام الدستور.)
وقضت المحكمة الادارية العليا المصرية بشأن الطعن رقم 2600 ـ50 ق. عليا – جلسة 9/4/2005 – الدائرة الأولى عليا ـ أملاك الدولة ـ ان ( المبدأ: التصرف في أراضي طرح النهر من اختصاص وزير الإصلاح الزراعي ـ صدوره من المحافظ يجعله مشوباً بعيب عدم الاختصاص).
ج- اعتداء جهة ادارية عليا على اختصاص جهة ادنى منها :
قد يحدد القانون لجهة ادارية اختصاصات لاتملكها الجهة الادارية التي تتبعها تلك الجهة وخاصة بالنسبة للهيئات التي تتمتع بقدر من الاستقلالية في عملها كالجامعات ، فأن باشرت الجهة الادارية العليا تلك الاختصاصات شاب تصرفها البطلان ، وقضى مجلس شورى الدولة اللبناني في قراره ذي الرقم 141 في 23/10/ 1986 بأن ( قرار لجنة المعادلات في وزارة التربية لا يلزم الجامعة ما لم يتخذ وفق الاصول بحضور ممثل الكلية أو المعهد المختص – فتكون صلاحية تقييم الشهادة من اختصاص الجامعة تحت رقابة القضاء ) وجاء في حيئيات القرار ان (معادلة شهادة الدكتوراه حلقة ثالثة بشهادة دكتوراه دولة الصادرة عن امين سر لجنة المعادلات في وزارة التربية لم تصدر وفقاً للاصول المحددة في المادة 67 من القانون رقم 75/67 سواء اكان لجهة تشكيل اللجنة أم لجهة بحثها في المعادلة في معرض تحققها من شرط الشهادة المطلوبة للتعيين في الجامعة اللبنانية، وبالتالي فان الافادة المذكورة تعتبر غير ملزمة للجامعة اللبنانية لجهة معادلة الشهادة التي يحملها المستدعي بشهادة دكتوراه دولة. وبما ان صلاحية تقييم شهادة المستدعي تعود والحالة هذه للجامعة اللبنانية التي تمارسها على ضوء قوانينها وانظمتها وتحت رقابة هذا المجلس، وذلك في غياب القرار الصادر وفقاً للاصول عن لجنة المعادلات في وزارة التربية الوطنية ).
وفي اطار جهة ادارية معينة قد يحصل ان يعتدي الرئيس على اختصاص مرؤوسيه.
 القاعدة ان للرئيس الهيمنة على اعمال المرؤوس، الا انه وفي حالات معينة قد يخول المشرع المرؤوس اختصاصاً معيناً دون ان يكون للرئيس التعقيب عليها ومن ثم اذا فعل ذلك كان منه اعتداءً على اختصاص المرؤوس فيقع قراره معيباً وكذلك اذا منح الاختصاص من قبل القانون مباشرة للمرؤوس او كان له اختصاص معين عن طريق التفويض فلا يجوز في هذه الحالة للرئيس ان يباشر هذه الاختصاصات ابتداءً وان كان له حق التعقيب على قرارات المرؤوس بعد اتخاذها.
وجاء في قرار لمجلس شورى الدولةاللبناني رقم107 في 3/12/ 1993 ان ( قيام الدولة بهدم الانشاءات المرخص بها من البلدية ومن دون علمها يشكل تعدياً على الملكية الفردية ويدخل ضمن اختصاص القضاء العدلي ). وجاء في حيثيات القرار (وبما أنَّ البلدية وبعد أنَّ تلقت مخابرة المحافظ بالطلب اليها تهيئة العمل لتنفيذ الهدم الذي لم يعد قابلاً التأجيل وجهت الى وزارة الداخلية ومحافظ جبل لبنان البرقية رقم 90/ص تاريخ 22/2/1965 والتي جاء فيها: "- لقد تبلغنا قرار مجلس الشورى رقم 30 تاريخ 20/2/1965 بوقف تنفيذ الهدم... ليس لدينا تقرير فني بأن بناء ي.ح. مخالف للقانون...". وبما أنَّ البلدية تدلي بأن الهدم الحاصل بتاريخ 23/2/1965 قد جرى بدون علمها لأنها كانت بانتظار جواب الدوائر المختصة حول المخالفات لاتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة. وبما أنَّ المستدعي يصر على ادعائه بأن الدولة قامت من تلقاء نفسها بهدم الإنشاءات دون علم البلدية أو صدور قرار عنها بهذا الشأن. وبما أنَّه إذا كانت الدولة قد قامت بهدم الإنشاءات دون الاستناد الى قرار بالهدم صادر عن السلطة المختصة وهي البلدية لا سيما بعد إتمام كافة الإنشاءات التي تدعي المحافظة مخالفتها للقانون فإن عملها يشكل تعدياً. وبما أنَّ أعمال التعدي تخضع لصلاحية القضاء العدلي. وبما أنَّ مسألة الصلاحية المطلقة تتعلق بالإنتظام العام وتقتضي إثارتها عفواً )
د- اعتداء الادارة المركزية على اختصاص الادارة اللامركزية.
اذا كان للادارة اللامركزية مباشرة اختصاصاتها المخولة لها قانوناً على نحو من الاستقلال " لانها تستمد اختصاصها من القانون وليس من السلطة المركزية " الا ان هذا الاستقلال ليس مطلقاً وانما تباشرالادارة المركزية نوعاً من الرقابـة ( الوصاية ) على اعمال الادارة اللامركزية وذلك بموجب ما يعطيها القانون من الاختصاصات المحددة ، كالاذن السابق والتصديق اللاحق والالغاء بالنسبة لبعض القرارات اذا كانت غير مشروعة وفي هذه الحالة على الادارة المركزية ان تلتزم حدود هذه الاختصاصات فلا تتجاوزها ( لا رقابة بلا نص ولا رقابة خارج حدود النص)( رقابة وليست سلطة رئاسية) فلا تحل نفسها محل الادارات اللامركزية لمباشرة بعض اختصاصاتها الا اذا توفرت شروط الحلول وهي : 1. نص القانون – 2- امتناع الادارات اللامركزية على اتخاذ قرار رغم تنبيهها فتحل السلطة المركزية محلها استثناءً ، او ان تقوم بتعديل بعض القرارات التي تصدرها الادارة اللامركزية في حين ان القانون لا يخولها سوى التصديق او عدم التصديق على تلك القرارات.
وقد اشار القضاء الاداري المصري في بعض احكامه الى بعض هذه العيوب التي تصيب القرارات الادارية المركزية ، ومن ذلك ما ذهبت اليه محكمة القضاء الاداري المصرية ، من ( ان وزير التربية وان كان الرئيس الاعلى للجامعة الا ان سلطته لا تتجاوز الحدود التي نص عليها القانون صراحةً ومن ثم فأن مباشرة وزارة التربية بداءةً لحق جامعة القاهرة في التقاضي ينطوي على مخالفة لقانون الجامعة وتجاوز من جانبها في أستعمال حقها في الاشراف على الجامعة الى حد مباشرة الحقوق التي تملكها هذه الاخيرة على وجه الاستقلال )وذهبت المحكمة نفسها الى ان ( من المسلم به فقهاً وقضاءً ان علاقة الحكومة المركزية بالمجالس البلدية والقروية ان هي الا وصاية ادارية وليست سلطة رئاسية وبناء على ذلك فأن الاصل ان وزير الشؤون البلدية والقروية لا يملك بالنسبة لقرارات هذه المجالس سوى التصديق عليها كما هي او عدم التصديق عليها كما هي دون ان يكون له حق تعديل هذه القرارات).
 تفويض الاختصاص: المقصود بتفويض الاختصاص في مجال النشاط الاداري هو أن يعهد عضو اداري ببعض أختصاصاته لعضو اداري أخر ليمارس مؤقتاً هذه الاختصاصات بدلاً عنه اذا جاز القانون ذلك.
ذلك ان صاحب الاختصاص ليس كمن يملك حقاً يستعمله متى شاء ويتنازل عنه متى رأى ذلك ، وانما ينبغي عليه ان يمارسه شخصيا دون ان يكون له التخلي عنه مالم يكن هناك نص قانوني يجيز له التفويض. ان الهدف من التفويض هو للتخفيف عن كاهل بعض الموظفين المنوطة بهم سلطات متعددة ورغبة في تدريب اعضاء الادارة من الكوادر الوسطى على تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات.
ويوجد نوعان من التفويض:الاول تفويض السلطة (تفويض الاختصاص) والثاني تفويض التوقيع.
والنوع الاول يؤدي الى تعديل ترتيب الاختصاص بين اعضاء الادارة ويتثمل بأنتقال الاختصاص من عضو الى أخر.
أما النوع الثاني فيهدف الى ان يتخفف صاحب الاختصاص الاصيل من بعض أعباءه المادية والخاصة بمجرد التوقيع ويعهد به الى عضو اخر ليمارسة بدلاً عنه وفي هذه الحالة يتخذ من فوض اليه التوقيع القرار باسم صاحب الاختصاص الاصيل.
 بما ان تفويض الاختصاص يؤدي الى تعديل ترتيب الاختصاص فمعنى ذلك انه يؤدي الى تخلي المفوض مدة التفويض عن ممارسة اختصاصة ، أما تفويض التوقيع فلا يؤدي الى فقدان المفوض لحقه في ممارسة اختصاصه.
وتفويض الاختصاص يوجه الى العضو الاداري بصيغة شاغل منصب مهني ومن ثم اذا ما تغير هذا العضو فأن التفويض ينتقل الى خلفة في المنصب ، وعلى العكس من ذلك فان تفويض التوقيع ذو طابع شخصي ومن ثم يسقط بتغيير المفوض والمفوض اليه.
وتختلف قوة القرارات المتخذه بموجب التفويض في الاختصاص والتفويض في التوقيع من حيث التدرج فالقرار بموجب تفويض الاختصاص يأخذ مرتبة العضو المفوض اليه في السلم الاداري.
اما القرار الصادر بموجب التفويض بالتوقيع يأخذ مرتبة العضو صاحب الاختصاص الاصيل في السلم الاداري.
 وقضى مجلس شورى الدولة اللبناني في قراره 213 في 6/1/1991 ( عدم مراعاة صلاحية السلطات التأديبية تتعلق بالانتظام العام،لايمكن تفويض الصلاحيات التأديبية الا بنص صريح يسمح بذلك ).
وفي اطار نظام تفويض الاختصاص نصت المادة (123)من دستورجمهورية العراق على انه ( يجوز تفويض سلطات الحكومة الاتحادية للمحافظات أو بالعكس، بموافقة الطرفين وينظم ذلك بقانون.)
ثانيا - عيب الاختصاص المكاني:
يقصد بعيب الاختصاص المكاني مباشرة الجهة الادارية الاختصاص خارج النطاق الاقليمي المحدد لها ، فأن كان لجهات الادارة المركزية ان تمارس اختصاصها على نطاق اقليم الدولة كله ، فأن جهات الادارة المحلية أوالاقليمية يجب ان تمارس اختصاصها في النطاق الاقليمي المحدد لها ،ومن ذلك عدم جواز ان يمارس المحافظ اختصاصه الا في نطاق محافظته ومن ثم اذا اتخذ قراراً يمتد اثره الى محافظة اخرى كان قراره معيباً بعيب عدم الاختصاص من حيث المكان. وبموجب دستور العراق لسنة 2005 لايجوز للسلطة الاتحادية ان تمارس صلاحياتها مكانيا في الاقاليم فيما عدا ماخصها بها الدستور ، جيث نصت المادة (121)على انه(اولاً: لسلطات الاقاليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وفقا لاحكام هذا الدستور، باستثناء ما ورد فيه من اختصاصات حصرية للسلطات الاتحادية.)
ثالثا - عيب الاختصاص الزماني:
يقصد به مباشرة الجهة الادارية لاختصاصها دون التقيد بالحدود الزمنية له. ومعنى ذلك انه لايجوز للموظف العام مباشرة وظيفته الا خلال الفترة الزمنية التي يتولى فيها هذا المنصب ، فاذا قام سبب من اسباب انتهاء الخدمة فيه، كالاحالة على التقاعد او الاستقالة او النقل الى وظيفة اخرى ، امتنع عليه مباشرتها ، والا كانت قراراته مشوبة بعيب عدم الاختصاص.
ويكون الاختصاص مقيداً من حيث الزمن من ثلاث نواحي:
أ ـ لايمكن لاية جهة ادارية او عضو اداري ان يمارس ماهو محدد لها من اختصاص الا في الوقت الذي يتقلد فيه المنصب و يحل هذا الوقت بتوقيع القرار الاداري بتعيينه او ابرام العقد بتعيينه او بتوقيع قرار تشكيل اللجنة.
ب ـ لايمكن للمجالس الادارية ان تباشر اختصاصها الاخلال انعقاد جلساتها كما ان مباشرة المجلس لاختصاصه مقيد بمدة ولايته ومقيد كذلك بأدوار انعقاده.
ج- تفقد الجهة الادارية اختصاصها بانهاء تقلدها للمنصب او انهاء مدة ولايتها ، وعلى سبيل الاستثناء في بعض الحالات ولتأمين استمرارية المرفق العام في حالة عدم تعيين خلف لتلك الجهة الادارة يمكن لها الاستمرار مدة اضافية في مباشرة اختصاصاتها الى ان يعين خلفا لها بموجب التشريع اوأستناداً للمباديء العامة.
من ذك، ما هو متعارف عليه بالنسبة للوزراء المستقيلين حيث يستطيعون الاستمرار في انجاز الامور المعتادة او الجارية على الرغم من قبول استقالتهم لحين تعيين خلف لهم ويعترف القضاء الفرنسي بحق تحديد ما يعتبر من الامور الجارية وما يخرج عن هذا المعنى ومن ثم يحكم بالغاء القرارات والاجراءات الصادرة من قبل الحكومة المستقيلة او الوزير المستقيل التي تتجاوز مفهوم الشؤون الجارية لانها تكون صادرة من جهة غير مختصة.
ومن المقرر فقهاً وقضاءً ان صفة الموظف العام تبقى ملازمة للشخص الى اللحظة التي يتحقق فيها سبب من اسباب انتهاء خدمته ومن ثم اي قرار يتخذه الموظف بعد ذلك يصدق عليه وصف القرار المنعدم لصدوره من المغتصب على النحو التالي:-
1- حالة العزل : تزول صفة الموظف العام بإبلاغ القرار للموظف أو بمضي مدة معينة على النشر عند غيابه.
2- حالة الاستقالة : تزول صفة الموظف العام من تاريخ قبول الاستقالة او بإنقضاء المدة المحدودة قانوناً من تاريخ ايداعه.
3- حالة العزل : كعقوبة تبعية لعقوبة جنائية او كعقوبة تكميلية لعقوبة جنائية تزول صفة الموظف بإصدار الحكم.
4- التعيين المؤقت : بالنسبة للموظف المعين لمدة محددة فصفته تزول بانتهاء المدة.
5- التقاعد : بالنسبة لانهاء الخدمة لبلوغ السن القانونية لانتهاء الخدمة فأن صفة الموظف العام تنتهي بقوة القانون بتاريخ بلوغ هذه السن حتى لو صدر قرار الاحالة الى التقاعد بعد ذلك. اما اذا صدر القرار من الجهة المختصة بمد الخدمة قبل بلوغ السن المقررة لترك الخدمة فتستمر صفة الموظف العام الى نهاية المدة الجديدة وقد يكون القرار المتخذ بمد المدة معيباً وبهذه الحالة تستمر فيه صفة الموظف العام على اساس من نظرية الموظف الفعلي في الظروف الاعتيادية اذا توفرت شروطها.
6- في حالة ان يقوم سبب لانتهاء الخدمة بالنسبة لبعض الموظفين او المجالس مع وجود نص قانوني يسمح لها بالاستمرار في ادائهم لوظائفهم الى ان يعين من يخلفهم فان صفة الموظف العام تبقى ملازمة له وتبقى قراراته منتجة لاثارها الى التاريخ الذي يحل محله فيه شخص اخر او مجلس اخر.
7- في حالة ان يصدر قرار اداري بفصل موظف ثم يصدر بعد ذلك حكم قضائي بالغاء قرار الفصل فان حكم القرارات التي يتخذها الموظف خلال المدة بين قرار الفصل وحكم الالغاء يرجع الى تاريخ اصدار قرار الفصل واعتباره كأن لم يكن.
كما ان صفة الموظف العام لا تنقطع بالنسبة للتصرفات والقرارات الداخلة بأختصاصه والتي يأمر بها بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي المقررة. كما انها لا تنقطع في حالة تمتع الموظف باجازة مقررة قانوناً ومن ثم يستطيع الموظف العودة الى ممارسة اختصاصه قبل انتهاء مدة الاجازة ولكن شرط ان يعلن رغبته على نحو كاف من الوضوح وان تكون القرارات مما يملك اتخاذها حتى لو اهمل الموظف تلك الشكلية الخاصة بالاعلان وذلك لان الاعلان يخلق غرضاً داخلياً وهو غير موجه لعامة الناس
ومن قبيل القيدود الزمنية لممارسة الاختصاص مانصت عليه المادة (72) من دستور جمهورية العراق من انه (اولاً : تحدد ولاية رئيس الجمهورية باربع سنوات ويجوز اعادة انتخابه لولاية ثانية فحسب.
 ثانياً : أ ـ تنتهي ولاية رئيس الجمهورية بانتهاء دورة مجلس النواب. ب ـ يستمر رئيس الجمهورية بممارسة مهماته إلى مابعد انتهاء انتخبات مجلس النواب الجديد واجتماعه، على ان يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ اول انعقاد له. ج ـ في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية لأي سبب من الأسباب، يتم انتخاب رئيس جديد لاكمال المدة المتبقية لولاية رئيس الجمهورية.)
 يتبع
عيب مخالفة القانون هو العيب الذي يصيب محل القرار الاداري ويدمغه بعدم المشروعية، ومحل القرار الاداري،هو المركز القانوني والاثر القانوني المباشر الذي تتجه إرادة رجل الادارة الى تكوينه، او تعديله او الغائه.
وعيب مخالفة القانون،عيب شائع في الحياة الادارية العملية، لاسباب متنوعة،فقد يكون صورة من صور تعسف الادارة في استعمال سلطاتها تجاه الافراد او هو نتيجية طبيعية للجهل بالقانون المتفشي بشكل خطير بين رجال الادارة العامة، وقد يكون التعسف في استعمال السلطات الادارية وسيلة من وسائل الفساد الاداري من خلال حجب الادارة لحقوق المواطنين عنهم او تعطيل مصالحهم المشروعة كوسيلة ضغط للنفاذ الى الكسب غير المشروع، فضلا عن عدم وجود ثقافة قانونية عامة تُعرف المواطن بحقوقه وتمكنه من المطالبة بها والدفاع عنها على اساس راسخ، يساعد على ذلك حالة عدم وجود جهة رقابية، ادارية او قضائية، فعالة يلجأ اليها المواطن للاقتصاص من العابثين بالمصالح العامة.
تختلف اثار محل القرار الاداري بحسب ما اذا كان قراراً تنظيمياً او قراراً فردياً، فأثر القرار التنظيمي يتمثل بايجاد قاعدة قانونية عامة ومجردة تنشيء او تعدل او تلغي مراكز قانونية اوحالة قانونية عامة وموضوعية.
والقرار التنظيمي ما هو الا تشريعاً فرعياً قد يكون في صورة انظمة او تعليمات او انظمة داخلية، ويعرف في مصر باللائحة، تصدره السلطة التنفيذية بما لها من اختصاص اصيل بموجب الدستور(1). والقرار التنظيمي بهذه الصفة يتضمن انشاءاً لقاعدة قانونية مما يتوجب ان يكون متفقاً مع الدستور والقانون والقرارات التنظيمة التي تعلوه مرتبة.
اما اثر القرار الاداري الفردي المباشر فيتجسد في انشاء حالة قانونية او مركز قانوني فردي او تعديله او الغائه، خاصاً بفرداً معيناً بذاته او مجموعة من الافراد معينين بذواتهم. كالقرار الصادر بتعيين موظف او نقله او انهاء خدماته.
ويتوجب ان يكون القرار الفردي متطابق مع الدستور والقانون والقرارات التنظيمية والقرارات الفردية التي تعلوه مرتبة.
ومحل القرار الفردي، بهذه الصفة لا يتضمن انشاءاً لقاعدة قانونية وانما يأتي تنفيذاً لقاعدة قانونية صدر بالاستناد اليها، اي تحديد الحكم القانوني الخاص بحالة قانونية او مركز قانوني فردي.
واذا كان يُكتفى بالنسبة للقرارات التنظيمية ان تكون علاقتها بالقواعد القانونية علاقة موافقة، الا ان القرارات الفردية ينبغي فيها،كقاعدة عامة مستقرة، أن تصدر بالمطابقة للقواعد القانونية التي جاءت تنفيذا لها.
وفي ضوء ما تقدم، يتضح ان عيب مخالفة القانون يبدو في كل حالة يكون فيها القرار الاداري، من حيث محله، مخالفا للقواعد القانونية السابقة التي صدر بموجبها أو تنفيذاً لحكمها.
ويقصد بالقاعدة القانونية، في هذا المقام، اية قاعدة قانونية عامة مجردة أيا كان مصدرها، سواء كان مصدرها الدستور أو التشريع أو العرف أو القضاء أو مبادىء القانون العامة أو قرار أداري تنظيمي، وفي حالة التعارض يتعين على الادارة أن تراعي القانون الاعلى مرتبة بحسب ما يقتضيه مبدأ تدرج القواعد القانونية.
ومن جانب اخر فإن عيب مخالفة القانون يتسع مدلوله ليشمل كل مساس بمركز قانوني مشروع سابق ايضا، ومن ثم يعتبر القرار مخالفاً للقانون اذا تنكر لحكماً قضائياً حائزاً لقوة الشيء المقضي فيه أو لقراراً إدارياً فردياً رتب حقوقاً مكتسبة او عقداً التزمت به الادارة.
1 ـ ان يصدر القرار بالمخالفة للدستور:
تتوسد القواعد الدستورية المكانة العليا في سلم التدرج الهرمي للنظام القانوني في الدولة برمته، اذ هي تسمو على كل ما عداها من قوانين وانظمة وتعليمات او قرارات تتخذها السلطات العامة بما فيها السلطة التشريعية، فالدستور هو الذي يؤسس السلطات في الدولة،وهو الذي يحدد لها اختصاصاتها وطريقة ممارسة تلك الاختصاصات،فضلا عن ما يتضمنه من قواعد متعلقة بحقوق وحريات المواطنين وواجباتهم.
ومن جانب اخر يضع الدستور قواعد عامة وموجهات وقيود ينبغي ان تراعيها سلطة التنفيذ فان حادت عن مقتضى تلك الموجهات والقيود وهي بصدد اصدار قرار اداري،أو حادت عن حدود الاختصاصات التي رسمها لها أو تحللت من القيود التي وضعها او انها خالفت بانظمة وتعليمات تبنتها، مبدأً أو نصاً دستورياً، فانها تكون بذلك قد تجاوزت الدستور وحدود سلطتها وتحقق سبب من اسباب الطعن بعدم المشروعية، ويعد ما أقدمت عليه معيبـا بعيب مخالفة القانون وباطـلاً لمخالفته الدستور.
كما لو اصدرت الادارة انظمة او تعليمات او قراراً فردياً واشارت الى ان تنفيذه يكون باثر رجعي دون سند من القانون في حين ان الدستور ينص على عدم جواز الاثر الرجعي،او ان تتخذ الادارة قرارها باسقاط الجنسية عن عراقي يحمل الجنسية الاصلية في حين ان الدستور ينص على عدم جواز اسقاطها.
وبصدد مبدأ حق الدفاع عن النفس الدستوري جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 118 في 2/7/1987 (حق الدفاع عن النفس هو من الأصول الاجرائية الجوهرية التي يجب على الادارة أن تحترمها في معرض تأديب الموظفين والتحقيق معهم وانزال العقوبات بهم ويترتب عليها اطلاعهم على كل المآخذ المنسوبة اليهم وعلى كل المستندات التي تدينهم أو تتضمن اقتراحا بمؤاخذتهم...... وبما أن عدم اطلاع المستدعي على مطالعة رئيس هيئة التفتيش المار ذكرها ليقدم دفاعه بشأنها يشكل اغفالا لمعاملة جوهرية من أصول التحقيق التأديبي وبالتالي انتهاكا لحق الدفاع الذي يعتبر أحد المبادئ العليا التي كرسها الاجتهاد والقانون الوضعي كما كرستها الدساتير في البلدان الراقية. وبما ان القرار المطعون فيه يكون مستوجبا النقض لهذا السبب في الجزء منه المتعلق بالمستدعي. وبما أنه لم يعد من حاجة لبحث توفر سائر أسباب النقض المدلى بها. لهذه الأسباب، يقرر بالاجماع: 1 – قبول المراجعة في الشكل. 2 – قبول المراجعة في الأساس ونقض القرار رقم 31/83 تاريخ 3/3/1983 الصادر عن هيئة التفتيش المركزي في الجزء منه المتعلق بالمستدعي وتضمين الدولة الرسوم ومئة ليرة رسم محاماة ورسم صندوق تعاضد القضاة. قراراً أعطي وأفهم بتاريخ صدوره في 8/7/1987. )
وجاء في قرار للمجلس نفسه برقم 15/98ـ99 في 7/10/1998( اقتراع المرأة المتزوجة في قلم اقتراع اهلها يشكل مخالفة حاسمة اذا كان من شأنه التأثير على نتيجة الاقتراع، ويجب حسم اصوات النساء المتزوجات مداورة من اصوات الفائزين والخاسرين.) وان (قاضي الانتخابات ليس قاضي نظامية فقط بل هو ايضا قاضي حرية ونزاهة الانتخابات).
2 ـ ان يصدر القرار الاداري بالمخالفة للمعاهدات والاتفاقات الدولية :
تعد المعاهدات الدولية المصادق عليها من مجلس النواب والنافذة حسب الاجراءات المتبعة للنفاذ داخل الدولة، جزءاً من القانون الداخلي للدولة، ملزمة للسلطات العامة والافراد ويتعين على الجميع احترامها.
وتثير مسألة تطبيق المعاهدات الدولية والرقابة القضائية الواردة عليها شيئأ من الحساسية والنزاع الدولي في احيان كثيرة، وعلى هذا درج القضاء الاداري في كل من فرنسا ومصر على اعتبار القرارات الادارية الصادرة استناداً الى معاهدة او اتفاقية دولية من اعمال السيادة التي لايختص بنظرها القضاء، وتحل النزاعات الناشئة عنها بالطرق الدبلوماسية.
3ـ ان يصدر القرار بالمخالفة للقانون بمعناه الشكلي ( التشريع ) : تتولى السلطة التشريعية في الدولة سن التشريع العادي في حدود اختصاصها المبين في الدستور وهو ما يعرف بالتشريع العادي، واعمالاً لمبدأ المشروعية فانه يتعين على السلطات الادارية في الدولة ان تتصرف طبقا لما تقضي به القوانين وبخلافه تتعرض تصرفاتها للألغاء لعدم مشروعيتها.
ومدى التزام الادارة بالخضوع الى القانون يتحدد فقط بالقوانين التي تتفق وطبيعة عملها، الامر الذي يجيز لها ان تستبعد كلية بعض القوانين التي لا تتلاءم ونشاطها الاداري، وتعمل على تطبيق قواعد واحكام اخرى مغايرة تتماشى وطبيعة هذا النشاط.
غير ان للادارة ان تتخلى عن وسائل القانون العام، وتلجا في تصرفاتها الى وسائل القانون الخاص وعندئذ تكون في مركز قانوني شبيه بالمركز القانوني للافراد العاديين وفي حدود هذا التصرف.
ومن الطبيعي ان تخضع وظيفة السلطة التنفيذية لوظيفة السلطة التشريعية فيما تصدره من قرارات تنظيمية او فردية ومقتضى ذلك انه لايجوز للادارة بمختلف هيئاتها ان تتخذ اى عمل او تصدر اى امر او قرار الابمقتضى القانون وتنفيذا له. ومـرد ذلـك الى امـريـن الاول،هو انه لكى يتحقق هذا المبدأ يلزم ان تكون الاجراءات الفردية التى تتخذها السلطات العامة منفذة لقواعد مجردة موضوعة سلفا فتتحقق العدالة والمساواة.والثانى،هو ان القانون يصدر عن هيئة منتخبة تمثل الشعب وتمارس السيادة بأسمه، وخضوع الادارة للقانون يحقق لتلك الهيئة الهيمنة غير المباشرة على تصرفات الادارة، على انه يجب ان لا يفهم من ذلك ضرورة خضوع الجهاز الاداري بوصفه هيأة للجهاز التشريعي، وانما يكفي ان تكون الوظيفة الادارية او التنفيذية تابعة للوظيفة التشريعية. فالخضوع في الواقع هو خضوع وظيفي وليس هو حتماً خضوعاً عضوياً، ويعرف هذا المبدأ بمبدأ المشروعية فى العمل الادارى،وبمقتضاه لايجوز للسلطات الادارية ان تلزم الافراد بشئ خارج نطاق القوانين النافذة ومن ناحية اخرى لا تستطيع ان تفرض عليهم شيئاً الا اعمالا للقانون.
كأن تفرض الادارة على الافراد ضريبة او رسم لم ينص عليهما القانون، أو ان تفرض عقوبة تأديبية على موظف لم ينص عليها القانون او نص عليها بشروط واجراءات معينة لايقاعها، حتى لو تم الامر على شكل عقوبة مقنعة، كأن تقرر الادارة معاقبة عدد من الموظفين لاسباب حزبية او شخصية كالانتقام، فتقرر تنزيل درجتهم الوظيفية وتبرر ذلك بتبريرات مزيفة كأعادة التنظيم الاداري، وهذه التصرفات ما هي الا عقوبات مقنعة في حقيقتها ومعناها،جاءت خلافأً للقانون، والقاضي الاداري هو من يكشف حقيقتها بفطنته وسلامة تقديره للامور.
أو ان تتضمن الانظمة والتعليمات مبداً جديداً لم ينص عليه القانون فتكون الادارة والحالة هذه قد نصبت نفسها كمشرع، أو انها تتضمن نصا يستثنى احداً او فئة معينة من تطبيق القانون دون سند قانوني يبرره، وخلافاً لمبدأ المساواة امام القانون.
ذلك ان مهمة الادارة او السلطة التنفيذية تتجسد بصفة عامة بادارة المرافق العامة والاشراف على حسن انتظام سيرها بهدف اشباع الحاجات العامة وفقاً للتشريعات التي سنتها السلطةالتشريعية.
قضية طبيب الاسنان الفرنسي Moussy : تلخص وقائع هذه القضية، بانه صدر تشريع في فرنسا يجيز لاطباء الاسنان من خريجي المعاهد الطبية الاجنبية والمتجنسين بالجنسية الفرنسية المقيمين في منطقتي الالزاس واللورين قبل سنة 1918 ان يمارسوا المهنة في اي مكان من فرنسا.
وحصل ان رغب طبيب فرنسي الاصل ان يستفيد من هذا التشريع لتوفر الشروط فيه، فقدم طلباً بذلك الى الادارة، فرفضت طلبه، واسست رفضها على ان صاحب الطلب فرنسي اصيل، في حين ان القانون يخص المتجنسين بالجنسية الفرنسية، فطعن الطبيب بالقرار مطالباً الغائه لمخالفته القانون، فقضى له مجلس الدولة بما طلب والغى القرار، واسس المجلس حكمه على ان الادارة فسرت القانون تفسيراً خاطئاً، لانه لايقبل ان يفضل المشرع الاجنبي المتجنس على صاحب الجنسية الاصيل، فما دام قد سمح للاجنبي الاصل بمزاولة المهنة فمن باب اولى ان يسمح للوطني الاصل.
وبصدد مخالفة الادارة للقانون جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 152 في27/5/1992
( أنَّه يقتضي تصنيف المستدعية وفاقاً لأحكام المادة 44 من المرسوم الاشتراعي رقم 134 تاريخ 12/6/1959، باعتبارها دخلت الأكاديمية اللبنانية سنة 1950 وتخرجت منها حاملة شهادة جامعية، وانه بناء على القرار الإعدادي الصادر عن هذا المجلس بتاريخ 9/6/1970 عرضت شهادتها على لجنة المعادلات التي قررت بتاريخ 9/10/1970 أنَّ شهادتها هي شهادة جامعية رسمية، وانه كان على وزارة التربية أنَّ تصنفها برتبة وراتب أستاذ تعليم ثانوي في الدرجة الاخيرة ابتداء من تاريخ صدور المرسوم الاشتراعي رقم 134/59 مع ما يترتب على ذلك من نتائج قانونية، وأن رفض الإدارة تصحيح وضعها مخالف لنص المادة 44 المشار اليها ومشوب بعيب تجاوز حد السلطة فيقتضي إبطال قرار الرفض وإعلان حقها بالتصنيف وفاقاً لأحكام هذه المادة. 2- أنَّه يقتضي تصحيح وضع المستدعية على أساس مبدأ المساواة، باعتبار ان هذا المجلس قد أصدر عدة قرارات عائدة لموظفي هم في وضع مشابه لوضعها، وأن مبدأ المساواة واجب التطبيق حتى بالنسبة لمن انقضت مهل المراجعة بحقهم.)
وجاء في قرار اخر لمجلس شورى الدولة اللبناني برقم 140 لسنة 1986ان (صدور القرار مطبوعاً على الآلة الكاتبة ليس افشاء لسر المذاكرة لان النص المطبوع يبقى مشروع قرار ولا يصبح قراراً الا بالتوقيع)
وجاء في قراره رقم 114 في11/11/1993ان ( عدم دعوة الفرقاء لاجراء الكشف يشكل مخالفة لاصول المحاكمات، وعلم المستدعي بالكشف الذي اجرته لجنة الاستملاك لا يعد رضوخا. وان (تقدير عناصر التعويض يعود لقاضي الاساس ويخرج عن رقابة مرجع النقض)
وبصدد مخالفة قانون الاستملاك جاء في قراره رقم 134 في 29/11/1993ان( النص القانوني الذي يجيز وضع للبلدية وضع اليد موقتا على العقارات غير المبنية لتحويلها الى مواقف سيارات لا يخولها الحق في طلب استملاك العقارات.)
وجاء في قراره رقم 115 في 30/11/1994( وبما ان الاضرار الناتجة عن وجود حقل الرماية بالقرب من عقار الجهة المستدعية تؤول إلى التدني في قيمته الشرائية وتحد من امكانيات استثماره والاستفادة منه والاقامة فيه والتنقل في مختلف انحائه وخاصة المحاذية منها لحقل الرماية وذلك بسبب الخطر الناتج عن استعمال الاسلحة النارية والمتفجرات. وبما انه يتضح بالتالي ان وجود المنشآت العامة تلحق ضرراً اكيداً ومباشراً ومستمراً بعقار الجهة المستدعية.....وبما ان الجهة المستدعية افادت ان الدولة استملكت قسماً من العقار الاساسي بمعدل /3015/ل.ل. عن كل متر مربع وانها امنت العقار المذكور لدى البنك اللبناني للتجارة لقاء مبلغ قدره ماية وخمسون الف ليرة لبنانية.وبما انه لا شأن لموضوع هذه المراجعة بالعلاقات الخاصة القائمة بين المصرف المذكور والجهة المستدعية.وبما ان الضرر الواقع لا ينزع ملكية العقار، وان قيمة التعويض المستحق للجهة المستدعية لا توازي القيمة الشرائية للعقار بكاملها أو القيمة المحددة للاستملاك.وبما ان هذا المجلس يرى ان التعويض العادل والنهائي عن الضرر اللاحق بالجهة المستدعية يمكن تقديره بمبلغ مقطوع قدره /135000/ليرة..... يقرر مجلس شورى الدولة بالاتفاق...الزام الدولة بأن تدفع للجهة المستدعية تعويضاً مقطوعاً بقيمة /135/ الف ليرة لبنانية مع فائدة 9٪ من تاريخ الحكم.... تضمين الدولة الرسوم واتعاب المحاماة.).
وبصدد الطعن بالقرارات التنظيمية جاء في القرار رقم 133 لسنة1993( مذكرة وزير المالية بوقف صرف تعويض النقل والانتقال المحدد بمرسوم هو من القرارات التنظيمية لا الفردية ويمكن الادلاء بعدم قانونيتها بعد انقضاء المهلة.) وبصدد تنصيب الادارة نفسها قاضياً جاء في قراره رقم 115 في 7/9/1986ان (مهمة لجان الاستملاك تقتصر على تحديد التعويض المترتب على الاستملاك دون ان تتعداها الى البحث في قانونية الاستملاك).
وعن الضرر الذي تلحقه اشغال الدولة العامة بالمواطنين جاء في قراره رقم 119 لسنة 1987 انه ( وبما ان المستدعي هو من الأشخاص الثالثين بالنسبة لمنشآت المستدعى ضدها ومنها بركة شارل حلو التي انفجرت ويكفي لترتيب مسؤولية هذه الأخيرة توفر الرابطة السببية المباشرة بين انفجار البركة المذكورة والأضرار اللاحقة بعقارات المستدعي من جهة وأن تكون الاضرار المذكورة تتجاوز الأعباء المفروض بأهل الجوار أن يتحملوها بصفتهم هذه ولا يعفى من هذه المسؤولية الا القوة القاهرة. وبما أن هطول الأمطار الغزيرة لا يشكل بحد ذاته القوة القاهرة التي لا يمكن توقعها أو درء أخطارها وبالتالي يرى المجلس اعتبار المستدعى ضدها مسؤولة بالتعويض عن هذه الاضرار اللاحقة بالمستدعي والتي يحددها هذا المجلس بما له من سلطان تقديري واسع وفي ضوء تقرير الخبير وظروف القضية بمبلغ اجمالي قدره /13000/ ل.ل. ثلاثة عشر الف ليرة لبنانية.)
تخضع القرارات الادارية ذاتها لمبدأ التدرج من الناحية الشكلية والموضوعية، ويجب ان تلتزم مع بعضها باحكام البعض الاخر لتفاوت درجاتها في سلم التدرج القانوني، وعلى النحو التالي :
اـ مبدأ التدرج الشكلي للقرارات الادارية : ينتظم القرارات التنظيمية فيما بينها مبدأ التدرجٍ الشكلي ايضا، ويمكن التمييز بين القرارات الادارية على اساس شكل او عنوان صدورها، فهناك القرارات التي تصدر من رئيس الجمهورية ويمكن ان تتخذ شكل مرسوم جمهوري، او نظام، بينما تتخذ القرارات الصادرة من مجلس الوزراء شكل او عنوان نظام او قرار او تعليمات،وهناك القرارات التي تصدر عن الوزراء وتتخذ شكل امر وزاري او امر اداري او تعليمات داخلية، بينما تصدر القرارات الادارية من المدراء العامين على شكل امر اداري،فالقرار التنظيمي الصادر من مجلس الوزراء ينبغي ان لا يخالف قراراً تنظيمياً صادراً بمرسوم جمهوري، وهكذا الحال بالنسبة للقرار الاداري الصادر من الوزير. ان مبدا التدرج الشكلي يحدد الاحوال التي يتم بموجبها احترام القرارات التنفيذية الصادرة من جهات الادارة المختلفة المتدرجة في سلم الوظيفة العامة.
فالرئيس الاداري لا يمكن ان يخضع الى قرارات ادارية صادرة من جهة ادارية ادنى منه في السلم الاداري، ومن جانب اخر لا تستطيع السلطة الادارية الاعلى، حسب الاصل، ان تحل نفسها محل السلطة الادارية الادنى في اتخاذ القرار الذي تختص باصداره بموجب القانون، مادامت الجهة الادنى قد استمدت صلاحياتها من القانون مباشرة وليس من الرئيس الاداري،ما لم ينص القانون على خلافه.
واذا كان من المعتاد ان تصدرالقرارات الادارية بصيغة مكتوبة،فليس هناك ما يمنع من اصدار القرار الاداري شفاهاً، ما لم ينص القانون صراحة او ضمناً على اصداره مكتوباً، ومثال النص الضمني ان يشترط القانون نشر القرار الاداري بالوسائل المختلفة.
ب ـ مبدأ التدرج الموضوعي للقرارات الادارية : ان التدرج الذي ينتظم القرارات الادارية ليس تدرجا شكليا فحسب وإنما يوجد الى جانبه التدرج الموضوعي في القرارات الادارية ايضا.
ويقصد بالتدرج الموضوعي، التزام القرار الفردي أحكام القرار التنظيمي فلا يخالفها سواء أُصدر القرار الفردي من جهة أدنى من الجهة التي أصدرت القرار التنظيمي أو نفس جهة الاصدار أو جهة أعلى من الجهة التي أصدرت القرار التنظيمي. ويترتب على ذلك انه لا يجوز ان يخالف القرار الفردي الصادر من وزير قراراً تنظيمياً صادراً من مدير عام ما لم ينص القانون على خلافه.
اما بالنسبة للقرارات الادارية المتعارضة الصادرة من جهة إدارية واحدة، فأن هذه المسألة يمكن ان تتخذ الصور التالية :
- أن تصدر الادارة قرارا تنظيميا بالمخالفة لقرار تنظيمي سابق صدر عنها، في هذه الحالة يكون قرارها اللاحق صحيحاً، اذ تسري هنا قاعدة اللاحق ينسخ السابق.
- أن تصدر الادارة قرارا فرديا بالمخالفة لقرار فردي سابق صادر عنها، وهذا جائز ولكن في حدود الاحوال التي يجوز فيها التعديل أو الالغاء أو السحب، احتراماً للحقوق المكتسبة.
- أن تصدر الجهة الادارية قرارا فردياً بالمخالفة لقرار تنظيمي سابق صادر عنها. وهذا غير جائز لتحقق عيب مخالفة القانون.
ج ـ مبدأ احترام الحقوق المكتسبة: على الاداة ان تراعي الحقوق المكتسبة للافراد وعليه عندما تصدر الادارة قرارا يتعارض مع قرارات ادارية سابقة التي تولد عنها حقوق للأفراد فانه لا يجوز لها من حيث المبدأ الغائها،مالم ينص القانون على خلاف ذلك.
كان تصدر الادارة قرارا تنظيمياً يتعارض مع قرار تنظيمي سابق او قرارات فردية سابقة صدرت عنها،في مثل هذه الاحوال تسري احكام القرار التنظيمي او الفردي باثر مباشر ولايمس ذلك ماسبق من قرارات تطبيقاً لمبدأ عدم رجعية القرارات الادارية، وعلى سبيل المثال فانه لا يمكن لقرار وان صدر من جهة ادارية اعلى ان يلغي قرارا لجهة ادارية ادنى اذا تعلق بهذا الاخير حق مكتسب للافراد كما انه لا يجوز ايضا ان يمس القرار التنظيمي الحقوق المكتسبة الناشئة بموجب قرار فردي.
وبصدد الحقوق المكتسبة جاء في قرار لمجلس شورى الدولة اللبناني رقم 127 لسنة 1987ان ( قرار الادارة بسحب الترخيص بعد انقضاء مهلة الشهرين على صدوره مستوجب الابطال لمخالفته مبدأ الحقوق المكتسبة.)
العرف قانون اجتماعي تلقائي، يتكون من تلقاء نفسه في حياة الناس بناءاً على قوة العادة وتحت ضغط حاجات الافراد.
والعرف هو اطراد العمل بين الناس وفقاَ لسلوك معين اطراداً مقترناً بأحساسهم بوجود جزاء قانوني يكفل احترام هذا السلوك. ولكي يصبح العرف مصدراً من مصادر القانون، لابد ان تتوفر فيه عدة شروط وهي ان يكون عاماً وان يكون قد استقر فترة من الزمن، وان يكون ثابتاً وان يكون ملزماً وان لايكون مخالفاً للنظام العام والاداب.
وهذه الشروط يمكن ردها الى عنصرين الاول هو عنصر العادة ويتكون من صفات العموم والقدم والثبات، وعنصر معنوي هو الالزام.
والعرف بهذا المعنى قاعدة قانونية يستوجب توقيع جزاء مادي على مخالفته.
ويمكن تعريف العرف الاداري بانه مجموعة القواعد التي درجت الادارة على اتباعها فيما يتعلق بمجال معين من نشاطها بحيث تصبح هذه القواعد بمثابة القواعد القانونية من حيث الزامها.
وتأكيداً على اهمية العرف الاداري، تقول محكمة القضاء الاداري المصرية ( ان العرف الاداري هو بمثابة القانون من حيث وجوب احترامه والعمل به، فأذا ما خالفت الجهة الاداية العرف الاداري يكون تصرفها والحالة هذه قد انطوى على مخالفة القانون، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه باطلا ويكون المدعي محقاً في دعواه ).
وفي حكم اخر تذهب هذه المحكمة الى انه اذا وضعت احدى الجامعات مشروع لائحة والتزمته وطبقته باطراد ودون ان يصدر به تشريع اصبح هذا المشروع قاعدة تنظيمية عامة تعتبر مخالفتها مخالفة قانونية، وذلك ان المخالفة القانونية ليست مقصورة على مخالفة نص في قانون او لائحة، بل هي تشمل مخالفة كل قاعدة جرت عليها الادارة والتزمتها منهجاً لها.
ويلاحظ ان احترام القواعد العرفية والالتزام بها من قبل الادارة لا يعني دوام هذه القواعد الى الابد. لانه القول بذلك يؤدي الى قعود الادارة عن مواكبة التطورات التي تلحق بعموم المجتمع وبالعمل الاداري خاصة، وعلى هذا قد تتخذ الادارة سلوكا جديداً لمواجهة وقائع واحوال مستجدة وتستقر عليها فترة من الزمن ليأخذ شكل العرف تدريجياً.
ولكي تتحقق مشروعة العرف الجديد ينبغي ان يسري عليه مبدأ مساواة المواطنين امام القانون، اي ان يطبق بصفة مستمرة على جميع الحالات التي تواجهها الاارة بعد استقراره، فاذا تبين ان خروجها عن العرف القديم كان محاباة لحالة فردية، وانها عادت لتطبيق العرف القديم على حالات اخرى، تحقق عيب مخالفة القانون.
رغم اقرار جميع فقهاء القانون بالاهمية الكبرى لمباديء القانون العامة باعتبارها تعبر عن حيوية النظام القانوني وأداة من ادوات تنميته وتطويره، فانه لايوجد اتفاق فقهي على تحديد المقصود منها.
ويذهب رأي الى ان المبدأ العام هو قاعدة القواعد القانونية،بمعنى قابلته على الانطباق على قواعد قانونية اخرى بحيث تكون الاخيرة تطبيقاً للمبدأ العام، واذا اخذنا المبدأ العام على هذا المعنى، فانها يصبح فكرة فنية المقصود منها وضع بناء منطقي متماسك للقواعد القانونية.
وعرفها الفقيه بيسكاتوري بأنها، مجموعة من المباديء التي تستخدم في توجيه النظام القانوني، من حيث تطبيقه وتنميته، ولو لم يكن لها دقة القواعد القانونية الوضعية وانضباطها.
ونبه الفقيه ريبير الى ضرورة تحاشي تعريف المباديء العامة للقانون، وهو يعتقد ان المباديء العامة يمكن التعرف عليها عندما تقع مخالفة لها، فلئن كان من الصعب تعريف المبدأ الاساس في احترام الملكية الخاصة، الا انه يمكن التعرف على المبدأ عند مصادرة الملكية دون مقابل وبطريقة تحكمية.
المباديء القانونية، اما ان تكون مكتوبة او غير مكتوبة.
والمباديء القانونية غير المكتوبة، انما تستقر في ذهن وضمير الجماعة، تمليها العدالة المثلى وهي تستند الى المنطق والعقل والحدس وطبيعة الاشياء وقواعد العدالة والاخلاق ولاتحتاج الى نص يقررها ويمكن ان تستمد منها قواعد قانونية ملزمة يتعين الخضوع لها، يعمل القاضي على الكشف عنها وتقريرها مستلهماَ اياها من روح التشريع، فيعلنها من خلال احكامه معطياً اياها القوة الالزامية. ومن ثم يتعين على الادارة احترامها والالتزام بها، ويعد كل تصرف مخالف لها معيباً بعيب مخالفة القانون.
وكثيرا من مباديء القانون العامة تحولت الى قواعد قانونية مكتوبة عندما يتبناها المشرع وهو بصدد سن التشريعات المختلفة.
ويتنوع مضمون المباديء العامة بحسب طبيعة المجال القانوني الذي تعمل فيه، الا انه يمكن ارجاعها من حيث اساسها وجوهرها الى مبدأين اساسيين هما مبدأ الحريـة ومبدأ المسـاواة.
ويمكن ان ترجع المبادىء الاتية الى مبدأ الحريـة :
ـ مبدأ لاجريمة ولا عقوبة الا بنص.
ـ مبدأ حرية العقيدة والارادة.
ـ مبدأ ان الاصل براءة الذمة، ويتفرع عنه مبدأ ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة
عادلة.
ـ مبدأ احترام الحقوق المكتسبة.
ـ مبدأ عدم رجعية القرارات الادارية.
ـ الملكية الخاصة والحرية الفردية مكفولتان في حدود القانون.
ـ مبدأ ان لاتقييد للحريات العامة الا بقانون.
ـ مبدأ اتاحة دعوى قضائية لكل من تضررت مصالحه نتيجة قرار اداري معيب.
ـ مبدأ خضوع كل سلطة ادارية للرقابة، ويتفرع عنه مسؤولية الوزير امام البرلمان.
ـ مبدأ حق الدفاع في المحاكمات التأديبية.
ـ مبدأ ضرورة سير المرفق العام بانتظام.
ـ مبدأ بطلان التصرفات نتيجة الاكراه.
ـ مبدأ عدم جواز الالتزامات المؤبدة.
ـ مبدأ عدم التعسف في استعمال الحق.
ويمكن ان ترجع القواعد التالية الى مبدأ المساواة :
ـ مبدأ مساواة المواطنين امام القانون.
ـ مبدأ مساواة المواطنين في الانتفاع من المرافق العامة.
ـ مبدأ المساواة في تحمل التكاليف والاعباء العامة.
ـ مبدأ المساواة بين الجنسين في الوظائف العامة.
ـ مبدأ المساواة في الضريبة.
ـ مبدأ المساواة في مباشرة الاعمال الاقتصادية.
ـ مبدأ المساواة في المعاملة.
ـ مبدأ حق الحياة لكل فرد.
ـ مبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون.
ـ مبدأ تغير الاحكام بتغير الازمان.
ـ مبدأ تفوق المعاهدة الدولية على القانون الداخلي.
ـ مبدأ ان الغلط الشائع يقوم مقام القانون(2).
وما ذكر اعلاه من مباديء قانونية عامة،هو على سبيل المثال لا الحصر، حيث لايمكن حصر المباديء العامة في اطار حدود معينة، لانها قابلة للخلق وللتطور بمرور الزمن.
ويرجع الفضل في استنباط المبادئ العامة للقانون الى مجلس الدولة الفرنسي من خلال ما اصدره من احكام منذا انهيار الجمهورية الثالثة وهزيمة فرنسا عام 1948 وسقوط دستورها، وما رافق ذلك من اعتداء وتجاوز على الحريات العامة، فتدخل مجلس الدولة للذود عنها من خلال نظريته في مباديء القانون العامة ليحلها محل الدستور، تلك المباديء التي استقرت في ضمير الجماعة وتبقى قائمة فيه على الرغم من سقوط النظم او الوثائق الدستورية التي تقررها.
وبصدد احترام مبدأ احترام الحقوق المكتسبة جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 124 لسنة 1988( المباشرة بتنفيذ رخصة البناء دون مخالفة مضمونها يمنع السلطة من اخضاع الترخيص لأي تغيير أو تعديل في شروطه.)
وبنفس المعنى ماجاء في قراره رقم 127 لسنة 1987ان ( قرار الادارة بسحب الترخيص بعد انقضاء مهلة الشهرين على صدوره مستوجب الابطال لمخالفته مبدأ الحقوق المكتسبة.)
وجاء في حيثيات القرار (... وبما أنه اذا كان قرار تمديد الترخيص رقم 10/86 تاريخ 7/11/1985 قانوني فكان على المستدعى ضدها أن تعمد الى سحبه ضمن مهلة الشهر التالية لصدوره، وطالما أنها لم تفعل فقد نتج عن القرار المذكور حقا مكان المستدعي باستكمال شروط الترخيص بالانشاء لغاية انتهاء المدة المحددة في قرار التمديد المذكور التي تنتهي في 7/11/1986.وبما أن القرار المطعون فيه، بإلغائه قراري الترخيص والتمديد قبل انقضاء المدة القانونية المحددة لاستكمال شروط الترخيص، يكون مخالفا للقضاء ومستوجبا الإبطال.)
وجاء في قراره رقم 131 لسنة1992 ( اذا كان الترخيص للمؤسسة المصنفة او عدمه متروك لتقدير الإدارة، فعدم فتح المجال لصاحب الحق المكتسب بتصحيح وضعه في مهلة معينة مخالف للقانون.وبما أنَّ منح الترخيص أو رفضه بإنشاء مؤسسة مصنفة هو من اختصاص الإدارة الاستنسابي تمارسه تحت رقابة هذا المجلس القضائية.
وبما أنَّه لا يقفل محل مصنف إلا بعد إنذار صاحب الحق المكتسب بالاستثمار بوجوب تلافي المحاذير والتقيد بالشروط القانونية وإعطائه مهلة لذلك يمكن الإدارة بعد انقضائها أنَّ تعمد الى إقفال المحل المصنف إذا لم يزل صاحب الحق بالاستثمار المحاذير ولم يتقيد بالشروط القانونية.
وبما أنَّه إذا كان الترخيص أو عدمه متروك لاستنساب الإدارة تمارسه تحت
رقابة هذا المجلس القضائية فعدم فتح المجال لصاحب الحق المكتسب بتصحيح وضعه وتجهيز مؤسسته بحيث يصبح إنتاجها مطابقاً للشروط القانونية المفروضة لهذا الانتاج هو مخالف للقانون.
وبما أنَّ قراري المحافظ رقم 180 ورقم 187 بإقفال مؤسسات المستدعين دون إمهالهم لتسوية أوضاعهم ورفض وزارة الاقتصاد طلبهم تعديل ترخيص تمهيداً لتسوية هذه الاوضاع تكون مخالفة للقانون ومستوجبة الإبطال. لذلك.)
وبصدد عدم جواز رجعية القرارات الادارية جاء في قراره رقم 136 لسنة 1987 ( عدم جواز تضمين المرسوم الاشتراعي مفعولا رجعيا ما لم تفوض السلطة المشترعة صراحة بذلك. وبما انه اذا كان في الأصل ووفق المبادئ العامة لا تطبق القوانين بمفعول رجعي ما لم تحتوي أحكاما صريحة أو ضمنية على ذلك. كما أنه لا يجوز أن ينص المرسوم الاشتراعي على مفعول رجعي له ما لم تفوض السلطة المشترعة صراحة بذلك – وهذا التفويض لم يحصل بموجب القانون..... فسخ القرار المستأنف والحكم مجددا بتصديق التكليف المعترض عليه وتضمين المستأنف ضده الرسوم والمصاريف القانونية ).
ومن القرات المهمة لمجلس شورى الدولة اللبناني، ماجاء بصدد اغفال القانون الجديد الاشارة الى الاحكام الانتقالية بالنسبة للحالات التي اكتملت في ظل القانون القديم الا ان الاجراءات الادارية لم تكتمل الا بعد نفاذ القانون الجديد، جاء في قراره رقم 129 لسنة 1986انه ( بالنسبة للمستدعي في انه بعد ان انهى دروسه الثانوية اختار كمهنة له التحاليل الطبية وبدأ دروسه للحصول على الشهادات والخبرات التي يفرضها القانون الذي كان مرعي الاجراء في ذلك الوقت، وهو قانون مزاولة المهن الطبية الصادر بتاريخ 26/12/1946، واتم تلك الدروس والخبرات، واصبح بوضع قانوني يؤهله لقطف ثمار جهوده والحصول على اجازة فتح مختبر طبي في ظل القانون ذاته، فاذا بقانون جديد، هو قانون تنظيم المختبرات الطبية الخاصة، يصبح ساري المفعول ويعدل الشروط الواجب توفرها في طلب الحصول على اجازة لفتح مختبر طبي. وبالنسبة للادارة في ان المستدعي لم يكمل تقديم المستند الذي يثبت انه يحمل شهادة البكالوريا – القسم الثاني أو ما يعادلها الا بتاريخ لاحق لدخول قانون تنظيم المختبرات الطبية الخاصة حيز التنفيذ وان الادارة وجدت نفسها بالتاريخ الذي كان مفروضاً ان تتخذ فيه قرارها في شأن طلب المستدعي امام احكام القانون الجديد الذي يفرض في طالب الحصول على اجازة لفتح مختبر طبي شروطاً جديدة غير متوفرة في المستدعي. وبما ان المشترع يأخذ عادة هذه الحالات بعين الاعتبار ويلحظ صراحة في القوانين التي يتخذها احكاما انتقالية تسمح، خلافاً لقاعدة شمولية مفعول القوانين الجديدة، باستمرار خضوع بعض الاوضاع أو النتائج المترتبة عليها لاحكام القانون السابق الملغى أو المعدل صراحة أو ضمناً، وذلك كلما كان الامر يتعلق بتحقيق النتائج المفروض ترتبها عن الاوضاع التي استكملت مقوماتها في ظل القانون السابق وكان بين تلك الاوضاع والنتائج المترتبة عنها ارتباط وثيق يجعل منها وحدة غير قابلة للتجزئة. وبما ان عدم لحظ قانون 17/1/1979 صراحة، احكاماً انتقالية للحالات المماثلة التي يمكن ان تنشأ بسبب صدورها لا يعني بشكل اكيد ان المشترع اراد عن قصد عدم رعاية تلك الحالات باحكام انتقالية خاصة تسمح بتحقيق النتائج المترتبة عنها، لا بل ان العكس هو المفترض، أي ان المشترع يقر ضمناً اعتماد مثل هذه الاحكام، لانه لا يعقل ان يطلب مثلاً من طالب قضى السنوات الطوال في دراسة الطب وفق منهاج يقرره قانون معين ويولي من يستكمله حق الاشتراك بامتحان الكولوكيوم لممارسة مهنة الطب، ان يقضي مجدداً سنوات عديدة في دراسة الطب وفق منهاج جديد لمجرد صدور قانون جديد يفرض هذا المنهاج كشرط للاشتراك في امتحان الكولوكيوم.
يراجع في هذا الشأن: Roubier, Le Droit Transitoire, Conflit des lois dans le temps, 2em ed. p. 351. وبما ان المستدعي استكمل كما هو ثابت من اوراق الملف، في ظل قانون سنة 1946، مقومات الوضع الذي يؤهله للحصول على اجازة فتح مختبر طبي، بما في ذلك شهادة نهاية الدروس الثانوية التي نالها سنة 1968 والتي اعتبرت معادلة للقسم الثاني من شهادة البكالوريا اللبنانية بموجب قرار لجنة المعادلات ذي المفعول اعلاه، فانه يكون من حقه وفقاً للمبدأ الآنف الذكر ان يستفيد من النتائج المترتبة عن هذا الوضع والمرتبطة به ارتباطاً وثيقاً والمتمثلة بالحصول على اجازة فتح مختبر طبي وفق احكام قانون سنة 1946 وفي الحدود التي يفرضها هذا القانون وبما ان كل ما ادلى به خلاف ذلك يكون في غير محله القانوني ويقتضي معه رد جميع الاسباب والمطالب الزائدة والمخالفة.,..... يقرر المجلس بالاجماع.... ابطال قرار وزارة الصحة الضمني موضوع المراجعة، والقول بحق المستدعي استناداً لما تقدم بالحصول على اجازة فتح مختبر طبي وفاقاً لاحكام قانون سنة 1946 وفي الحدود التي يفرضها هذا القانون ورد المطالب الزائدة والمخالفة.
وجاء في قرار المجلس اعلاه رقم 202 في 6/1/1994( يمكن لسلطة الوصاية رفض التصديق على القرار البلدي لاسباب تتعلق بالمشروعية كما يمكنها التذرع بتقديرها الاستنسابي – المباشرة بتنفيذ المشروع الذي استملك العقار من اجله هي المباشرة بالعمل الفعلية والجدية لا المباشرة الوهمية كتشييد تصوينة او اجراء حفريات تحايلا على القانون.وجاء في حيثيات القراروبما انه وفي العلم والاجتهاد ان المباشرة بالعمل التي قصدتها المادة 37 من المرسوم الاشتراعي رقم 4 انما هي المباشرة الفعلية الجدية لا المباشرة الوهمية او التي تشكل تحايلا على روح القانون وقد ورد في الاجتهاد،انه لو عمدت الادارة على تشييد تصوينة او على اجراء حفريات وهمت بأنها مدت اساسات وتوقفت عند ذلك... فلا يعتبر عملها هذا بمثابة مباشرة تنفيذ والا لتمكنت بهذه الاساليب او بالاساليب المماثلة من احباط مفعول الاسترداد ).
تعتبر أحكام القضاء مصدراَ تفسيراً بالنسسبة للاحكام التي يصدرها القضاء العادي، الا ان ذلك لايصدق تماماً على الاحكام التي تصدر عن القضاء الاداري، ذلك ان القانون الاداري يتصف بانه قانون حديث غير مقنن، وانما توجد تشريعات ادارية متفرقة، وهي في الغالب لا تتضمن مباديء عامة، وقد لا يجد القاضي الاداري في هذه التشريعات النص الذي ينطبق على النزاع المعروض عليه، وعندها يتولى بنفسه استنباط الحكم القانوني الواجب التطبيق على النزاع المعروض عليه دون ان يكون ملزماً بالمباديء القانونية المدنية اذا كانت لا تناسب العمل الاداري، ذلك انه ملزم قانونا بايجاد الحل المناسب للنزاع المعروض عليه والا عُد منكراً للعدالة، وفي مثل هذه الاحوال يلجأ القاضي الاداري الى استخلاص الاحكام من المباديء العامة التي تحكم النظام القانوني في الدولة والمبادئ التي اوردتها النصوص القانونية في فروع القانون الاخرى ما دامت ملائمة للعمل الاداري او يجري علها تحويراً بما يجعلها ملائمة للروابط الادارية، فان لم يجد في كل ذلك حلاً مناسباً للنزاع المعروض عليه وجب عليه ان يستوحي الحلول من قواعد القانون الطبيعي وقواعد العدالة.
وهكذا قامت النظرية العامة في القانون الاداري على القواعد التي استنبطها القضاء الاداري من خلال احكامه، وقد تولى مجلس الدولة الفرنسي تشييد معظم نظريات القانون الاداري، مثل نظرية المرفق العام ونظرية العقد الاداري ونظرية الضبط الاداري ونظرية التعسف في استعمال السلطة ونظرية الظروف الطارئة وغير ذلك.
وهكذا قيل بان القضاء الاداري لا يبتدع الحلول المناسبة للمنازعات التي تعرض عليه فقط، ولكنه ينشيء المباديء القانونية العامة التي تستنبط منها تلك الحلول ايضاً.
وتؤلف هذه الحلول قواعد ومباديء جديدة تضاف الى مصادر المشروعية الاخرى التي تلتزم بها الادارة في تصرفاتها،مما يعني ان مخالفتها تؤدي بالقرار الاداري الى الانحدار الى حالة عدم المشروعية.
وقد اعترف الشرع المصري بدور القضاء الاداري في خلق واستنباط قواعد القانون الاداري، حيث نص في المذكرة الايضاحية للقانون رقم 165 لسنة 1955 المتعلقة بتظيم مجلس الدولة المصري، على انه (... يتميز القضاء الاداري بانه ليس مجرد قضاء تطبيقي كالقضاء المدني، بل هو في الاغلب قضاء انشائي يبتدع الحلول المناسبة للروابط القانونية التي تنشأ بين الادارة في تسييرها للمرافق العامة وبين الافراد وهي روابط تختلف بطبيعتها عن روابط القانون الخاص )
وتتمتع الاحكام القضائية بما يعرف فقهاً بقوة الحقيقة القانونية، سواء في مواجهة اطراف النزاع او في مواجهة الكافة، ذلك ان قرار الحكم الذي اكتسب الدرجة القطعية يتمتع بحجية الشئ المقضى به، وتتضمن هذه الحجية معنيين، معنى شكلي يتمثل في ان قرار الحكم القضائي يتضمن الحقيقة القانونية ويترتب على ذلك ان موضوع النزاع المقضى فيه لا يمكن ان يكون محلا لاية دعوى مستقبلاً، ومعنى مادي يتعلق بتنفيذ قرار الحكم، فاذا لم ينفذ القرار من قبل من صدر في مواجهتهم اذعاناً للحكم، تتولى السلطة العامة تنفيذه بالقوة من اجل ايصال الشئ المقضى به الى المنتفعين من القرار.
وعليه اذا كانت الادارة طرفاً في النزاع فانها ملزمة بتنفيذ قرار الحكم، واذا لم تكن طرفاً في النزاع فانها لا تلتزم به الا اذا كان مما يحتج به على الكافة.
واستقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي على اعتبار مخالفة الشيء المقضي به، مخالفة للقانون، ورتب عليها نفس الاثر المترتب على مخالفة القوانين.
وتأكيداً لمبدأ الولاية العامة للقضاء جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم162 في 20/12/1994( تبقى قابلة للنقض امام المجلس قرارات الهيئات الادارية ذات الصفة القضائية حتى ولو كانت نهائية وغير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة.)
ولاشك ان في ذلك اقرار لمبدأ مهم للغاية، فعلى الرغم من نص القوانين الادارية على ان قرارات الادارة بشأن من الشؤون تعتبر نهائية وغير قابلة للطعن، فان القضاء اكد ولايته على الرغم هذه النصوص ويمكن ان نفسر هذا التوجه بان المجلس فسر النص القانوني على ان المقصود من النهائية وعدم جوازالطعن هو عدم جواز الطعن به امام الجهات الادارية وليس امام القضاء.
وبصدد الامتناع عن تطبيق احكام القضاء جاء في قراره رقم 167 في 14/12/1993انه ( وبما انه يستفاد مما تقدم ان اللجنة المذكورة بدل ان تذعن لقراري هذا المجلس بهذا الشأن اعادت الاوراق اليه مجددا، الامر الذي يخالف احكام المادة 120 من قانون مجلس شورى الدولة لجهة مخالفة قوة القضية المحكمة.وبما ان مخالفة القانون او القضية المحكمة هي من الاسباب التي تؤدي الى نقض القرار المطعون فيه وفاقا لاحكام المادة 119 معطوفة على المادة 108 من قانون مجلس شورى الدولة.وبما ان القرارين رقم 17 و18 المطعون فيهما يكونان مستوجبي النقض بما ذكر اعلاه. )
لاتضع العقود قواعد قانونية وإنما تضع أحكام فردية بين المتعاقدين فهي تنشىء حقوق شخصية وإلتزامات، ومخالفة العقود تعطي الحق لإطرافها فقط بإقامة الدعوى أمام قاضي العقد لا قاضي الالغاء.
والقضاء الاداري مستقر على عدم قبول دعوى الالغاء في التعاقد مع الادارة ضد إجراءاتها وتصرفاتها التي تخالف الالتزامات التعاقدية، وسبيل المتضرر الوحيد في هذا الشأن إقامة دعوى القضاء الكامل أمام قاضي العقد.
أما بالنسبة لغير المتعاقدين فقد قبل مجلس الدولة الفرنسي بعد فترة من التردد طعونهم في الاجراءات والتصرفات التي تتجاهل الشروط التنظيمية الواردة في عقد الامتياز، فقد يخل الملتزم بهذه الشروط فيتقدم المنتفعون من المرفق العام الذي يديره الملتزم الى الادارة طلباً لإجبار الملتزم على تنفيذ هذه الشروط وقد ترفض الادارة ذلك، وعندها يحق للمنتفعين الإستناد الى الشروط التنظيمية واللائحية ورفع دعوى الالغاء على قرار الادارة بالرفض.
وبصدد عقود الامتياز جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 130لسنة 1986( تفسير بنود الامتياز يخضع لقاضي العقد لا لارادة الادارة المنفردة – مبدأ تكييف المرفق العام يبرر توسيع نطاق الامتياز. وبما ان القاضي في هذا المضمار تحفزه روح العدالة، ويبعد بالتالي عن الشكليات الزائدة، فيعتمد التفسير، الذي يخدم المرفق العام دون الحاق الضرر بالمصالح الخاصة المحقة للمتعاقد مع الادارة. وبما انه ثابت ان الادارة قد وافقت على طلبات الشركة بامداد بعض الافراد والمرافق بالطاقة الكهربائية فيكون قد تحقق الشرط المنصوص عليه في المادة 3 من دفتر الشروط ويكون الامتياز قد شمل بالفعل الافراد والمصالح المشار اليها علماً انه ليس من حاجة كما يستفاد جلياً من احكام المادة 3 المذكورة ان تكون موافقة الادارة صريحة بل يمكن ان تكون ضمنية.
وبما ان الاشغال موضوع النزاع تشكل توسيع الامتياز اكثر من توقعات الفرقاء الاصلية ولكنها متناسبة مع هدفه الاساسي الا وهو المنفعة العامة ومع نية الفرقاء المشتركة اثناء التنفيذ، فيجب اعتبار هذه الاشغال داخلة ضمن الامتياز. وبما انه يقتضي بالتالي القول ان الامتياز يتضمن الانشاءات موضوع النزاع مع كل النتائج التي تنجم عن ذلك. وبما ان كل ما ادلي به خلافاً لما تقدم يكون مردوداً لعدم ارتكازه على اساس قانوني صحيح..)
تعني السلطة التقديرية في هذا المقام، ان يكون لرجل الادارة قدر من حرية التصرف في اختيار القرار الملائم لمقتضيات المصلحة العامة.
فالسلطة التقديرية منوطة باستهداف المصلحة العامة وليست امتيازاً شخصياً لرجل الادارة يمارسه اويمنعه حسب اهوائه الشخصية.
وترتبط السلطة التقديرية بالتنظيم القانوني والقواعد القانونية التي تنظم نشاط معين من الانشطة الادارية او الاجتماعية، وتختلف طبيعة السلطة التقديرية بحسب مضمون تلك القواعد، فقد تكون قواعد امرة بالنسبة لمختلف عناصر القرار الاداري فتكون سلطة رجل الادارة مقيدة بمحل محدد قانونا، فلا تتوفر له امكانية الاختيار بين عدة حلول.
وعلى خلاف ذلك يتمتع رجل الادارة بسلطة تقديرية تتصل بمحل القرار الاداري الذي يختص بإصداره كلما كانت قاعدة القانون قد تركت له حرية الاختيار بين عدة حلول كلها في ميزان الشرعية سواء. فيستطيع بذلك ان يحدد بحرية محل القرار الاداري الذي منحه القانون حق إصداره.
بعبارة أخرى إن السلطة التقديرية تتجسد في قدرة الادارة على الاختيار بين محلين أو أكثر.
أما الاختصاص المقيد فيبدو في عدم قدرة الادارة على الاختيار، لإنها لاتستطيع أن تختار إلا إجراءاً معينا هو الذي ينطبق مع النص القانوني الذي قرره وإذا لم تلتزم الادارة هذا التطابق في قرارها، كان قرارها مشوبا بعيب مخالفة القانون.
الا انه لاينبغي النظر للسلطة التقديرية على انها تصنف دائماً الى هاتين الطائفتين مطلقاً، بمعنى ان تكون السلطة تقديرية بالكامل او مقيدة بالكامل، حيث توجد طائفة ثالثة تتضمن الغالبية من القرارات الادارية، هي طائفة من الصلاحيات الممنوحة لرجل الادارة التي تكون في جزء منها تقديرية وفي جزئها الاخر مقيدة، ففي اطار العقوبات الادارية مثلا، عادة ما يخول المشرع الرئيس الاداري اختيار احد عقوبتين او ثلاث نص عليها في القانون، ويكون للرئيس الاداري في مثل هذه الاحوال اختيار احدى هذه العقوبات لفرضها بحق الموظف وفقاً لسلطته التقديرية لجسامة الذنب الاداري، ولكن سلطته مقيدة باختيار احداها دون ان يتجاوزها الى عقوبات اخرى لم يشر اليها النص.
وينبغي ان نلاحظ،ان السلطة التقديرية للموظف لا تتعلق بعنصري الاختصاص والشكل لانهما يتعلقان بكيفية ممارسة السلطة ويدخلان في اطار النظام العام، اما عناصر القرار الاداري الاخرى وهي المحل والسبب والغرض او الغاية، فهي تشكل جوهر السلطة الادارية وقوامها وهي التي يمكن ان تكون محلاً للسلطة التقديرية.
وجاء في قرار لمجلس شورى الدولة اللبناني برقم 130لسنة 1994 ان ( السلطة الاستنسابية لا تمارس بصورة كيفية وترقية الضباط بمفعول رجعي تنفيذاً لقانون استثنائي يجب ان تتم مع احترام مبدأ المساواة والاحالة على التقاعد قبل صدور مرسوم الترقية ليست سبباً كافياً للاخلال بمبدأ المساواة. )
وجاء في قراره رقم 134 في 29/11/1993انه ( اعطاء الترخيص بالبناء هو اختصاص مقيد، ووضع المنطقة قيد الدرس وفق قانون التنظيم المدني، كما اقامة دعوى امام القضاء لا يبرران رفض اعطاء الترخيص بالبناء.)
وبصدد مدى ملائمة القرار الاداري للوقائع القانونية او المادية جاء في قراره رقم 137 لسنة 1987 ( سلطة الادارة في انشاء البلدية أو الغائها استنسابية ورقابة القضاء تقتصر على التثبت من مادية الوقائع دون تقديرها الا في الخطأ الساطع. وبما ان الوقائع التي استند اليها القرار المطعون فيه مثبتة بتقارير رسمية صادرة عن الجهات المعنية ولا مجال لعدم الأخذ بها. وبما أن القرار المذكور، في ضوء مستندات القضية ووقائعها، غير مشوب باي خطأ بارز وهو منسجم ومتناسب قانونا مع الوقائع التي استند اليها. وبما أن حصول وقائع جديدة بعد صدور القرار المطعون فيه لا يؤثر في صحته بتاريخ صدوره باعتبار أن أسباب الابطال لتجاوز حد السلطة التي يمكن التذرع بها أمام مجلس شورى الدولة لإبطال عمل اداري معين انما هي الأسباب التي تكون متوفرة بتاريخ اتخاذ القرار المشكو منه. وبما ان القرار المطعون فيه، يكون والحال هذه، واقعا في محله وتكون المراجعة الحالية بالتالي مستوجب الرد، لذلك )

تعتبر القرارات الادارية من التصرفات القانونية الحيوية التي تعبر عن سياسات الدولة العامة ونظامها القانوني والاقتصادي والاجتماعي وكل مايتعلق بالحاجات العامة واسلوب تنفيذ ذلك ، والقرار الاداري باعتباره تعبير عن ارادة السلطات العامة هو محتوى وجوهر العملية الادارية ، لأن مفهوم القيادة الادارية الحديثة لايعدو عن كونه صلاحية اتخاذ القرارات المؤثرة والفاعلة تبعا لمدى الصلاحيات التي خولها اياها المشرع من حيث سلطة التقدير او التقييد،اذ تعكس القرارات الادارية مدى فعالية الادارة وكفاءتها وقدرتها على تحويل التشريعات وخاصة الاصلاحية منها الى واقع عملي ذو اثر ايجابي ملموس على حياة الناس ومستوى الرفاه الاجتماعي، وعلى خلاف ذلك فان الادارة الضعيفة غير الكفؤة تؤثر سلبا على حياة الناس ، وكم من التشريعات الاصلاحية العظيمة افرغت من محتواها الانساني الاجتماعي بسبب ضعف الادارة او فسادها ، ويرى بعض فقهاء القانون ان القرار الاداري اضحى مصدرا من مصادر الحق لقدرته على انشاء الحقوق العينية والشخصية ، تعبيرا عن اهمية القرار الاداري في الحياة المعاصرة. 
هل أعجبك الموضوع ؟
رسالة أحدث
السابق
هذا آخر موضوع.

0 التعليقات:

إرسال تعليق